Historia de Tabaristán
Géneros
بذلك؟ ولا شبهة فى إنه فى الزمن الأول مع كمال معرفة الإنسان بعلم الدين وثبات اليقين كان الناس مع ما وقع من الأحداث فيما بينهم حاجة ماسة لملك صاحب رأى ، ولا يكون للدين قوام ما لم يكن هناك رأى واضح.
الأمر الثانى : كتبته عما يطلبه المليك من أهل المكاتب والمروءة ، فاعلم أن الناس فى الدين أربعة أصناف ، وفى كثير من كتب الدين مكتوب ومبين بلا جدال ولا تأويل ولا خلاف ولا أقاويل ويقولون إن لذلك أربعة أعضاء والملك على رأسها :
العضو الأول : أصحاب الدين وهذا العضو ينقسم إلى أصناف أخرى وهى : الحكام والعباد والزهاد والسدنة والمعلمون.
أما العضو الثانى : فهو المقاتلون أى رجال الحرب وهم على قسمين الراكبون والمترجلون وهم متفاوتون بعد ذلك فى الدرجات والأعمال.
أما العضو الثالث : وهم كتاب الرسائل وكتاب القضايا والسجلات والشروط وكتاب السير والأطباء والشعراء والمنجمون داخل طبقتهم ويعدون أرباب المهن.
أما العضو الرابع : وهم الزراع والرعاة والتجار وسائر الحرفيين ويكون بنو آدم أربعة أعضاء فى زمن الصلاح على الدوام ، ولا شك أنه لا ينقل واحد من فئة إلى أخرى إلا أن يجدوا واحدا فى الجبلة قد شاعت أهليته فيعرضونه على المليك ، وبعد طول تجربة ومراقبة له من قبل الموابدة والهرابدة يتم إلحاقه بطائفة أخرى إن وجد مستحقا لذلك ، لكن بما إن الناس سقطوا فى عصر الفساد وسلطان لا يقيم صلاح العالم ، فقد تعلقت أطماعهم بما ليس حقا لهم ، فأضاعوا الأدب وأهملوا السنة وأطلقوا للرأى العناية وحشروا رؤوسهم ، وسلكوا بالقوة طرقا لا تبدو لها نهاية فظهرت السطوة وحملت جماعة على أخرى لتفاوتهم فى المراتب والآراء ، حتى انتهى السلام والدين جملة ، وبات لبنى آدم صورتان هى : الشيطان صفة والوحش سيرة على نحو ما جرى ذكره فى القرآن المجيد عز قائله من قوله (شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض) (1) وسقط حجاب المحافظة والأدب ، وظهر قوم ليسوا متحلين بشرف الفضل
Página 36