فأما تواريخ من كان قبل الساسانية من ملوك الأشغانية فلم اشتغل بها للآفات المعترضة فيها كانت في ازمنة أولئك الملوك، وذلك ان الاسكندر لما استولى على أرض بابل وقهر أهلها حسدهم على ما كان اجتمع لهم من العلوم التي لم تجمع قط لأمة من الأمم مثلها، فأحرق من كتبهم ما نالته يده، ثم قصد إلى قتل الموابذة والهرابذة والعلماء والحكماء، ومن كان يحفظ عليهم في اثناء علومهم تواريخهم حتى أتى على عامتهم، هذا بعد ان نقل ما احتاج إليه من علومهم إلى لسان اليونانيين فغاب الفرس بعد ذلك طول أيام الأشغانية المسمين ملوك الطوائف وليس لهم من يعيد علما أو يعني بشي ء من الحكمة، إلى ان عادت إليهم دولتهم بظهور اردشير.
فلما تمكن اردشير من الملك لم تؤرخ الا بإبتداء أيام ملكه، ثم جرى من بعده من ملوك بني ساسان على منهاجه فأرخ كل ملك منهم يسني ملكه، فاضطربت بما فعلوا تواريخهم. ونعم الرأي ما أتفق الملوك العرب في اجرائهم تواريخ سني أيامهم على الولاء، من ابتداء الهجرة إلى ما يبلغ من السنين.
فهذه جملة ما سرده الكسروي، وذكر أنه بحثه بحث استقصاء حتى حصل له من مدة سني بني ساسان ما يوازي مثله من سني الاسكندر والذي ذكره الكسروي وادعى أنه تولى تصحيحه هو أيضا مدخول غير موافق لسياقة تواريخ سني الاسكندر لأنه ساق السنين في التفصيل إلى مبلغ ستماية وست وتسعين سنة وتسعة أيام. فبين ما خرج لي من الاعتبار بحساب الزيج وبين ما خرج للكسروي تسعون سنة وتسعة أشهر وعشرة أيام.
Página 21