Historia de los Sultanes Otomanos
تاريخ سلاطين بني عثمان
Géneros
وحدث في تلك الأثناء أن كاترينا، زوجة بطرس السادس قيصر الروس، خلعت بعلها عن كرسي السلطنة، وجلست مكانه، وطفقت تحشد الجيوش وتشعل الحروب تحت سماء أوروبا، ثم ساقت جيوشها إلى سكان بولونيا الذين ساروا ضد شيعة لوتر، وبواسطة ما استعملت من الدهاء والرشوة أجلست على هذه الحكومة الكونت بينياتوفسكي - أحد عشاقها في مدة صباها - فغضب السلطان من ذلك، واعتمد على إشهار الحرب ضد الروس، غير أن الملكة كاترينا تعهدت لجلالته بأن تنجلي بعساكرها عن بولونيا، وعقيب ذلك نهض خان القرم على بلاد السرب الجديدة، فأحرق فيها كل الأبنية الروسية، وأسر من الروس 35 ألف رجل، وكان يستعد أن يبلي الروس ويبيدهم، بيد أن أجله لم يطل ومات مسموما، وعين عوضه دولة غراي. وهذا كان قاصرا في العقل والتدبير. وبعد ذلك تقدمت عساكر التتر لتعبر نهر دنستر، فمنعها الصدر الأعظم وحارب المسكوب في شوكسن فكسرهم، وهربوا إلى مدينة بندر، لكنهم استأنفوا القتال فظفروا بجيوش الدولة وشتتوها، وبعدئذ هيجت كاترينا شعب اليونان، ودفعتهم إلى طلب الحرية والاستقلال، مذكرة إياهم بحرية آبائهم ومجد أجدادهم، ومن كون شريعة المسكوب قريبة لشريعة اليونان، أرسلت كاترينا معتمدا من قبلها إليهم، فتوجه أولا إلى الموره وتحدث سرا مع بناكي، مستلم مدينة كلاماتا، وبعد جملة مخابرات تعاهد اليونانيون على طلب الحرية آملين نوالها بإسعاف المسكوب، واعتمادا على ذلك عاد المعتمد إلى كاترينا، وأخبرها بأن اليونان ينهضون على قدم وساق حتى عاينوا عمارة المسكوب قادمة لمعاضدتهم؛ فاغترت كاترينا بذلك، وانتهزت هذه الفرصة لإخراج اليونان عن طاعة الدولة، وفي سنة 1183، سيرت قسما من العمارة إلى البحر الأبيض، فتوهمت الدولة من دخولها فيه أن القصد هو توقيف أهل السويد على حدودهم، وإذ كانت الدولة مطمئنة من هذا القبيل وفد الجنرال أسبيردون الروسي بعمارة إلى بحر السند، وهو مضيق الدانيمرك، ومنه دخلت البحر الأبيض من جهة جبل طارق، وطرحت أمراسها في بوغاز كورون من جزائر اليونان، ونزل منها من كان فيها من الجند إلى البر، وكانوا قليلي العدد، ولما شاهدهم الأروام تذمروا من قلتهم؛ لأنهم كانوا بانتظار جيش كثيف، وكذلك تكدر المسكوب الذين اعتمادا على مواعيد معتمدهم كانوا يؤملون أن يتوارد إليهم الأروام من كل الجهات متى علموا بقدومهم، أما بناكي فقد انتخب أربعة آلاف مقاتل وسار بهم لمحاصرة كورون، التي كان فيها فرقة قليلة من الجيش العثماني، وبعد حصار شهرين رجعوا عنها خائبين، وبعد ذلك تجمعت عساكر الدولة وسارت تقتفي أثر الأروام والمسكوب، فأحرقت بتراس ريبوليتزا وميغالو بوليس ولاقونيا، وعملت فيهم السيف، وأفنت معظمهم، غير أن جيوش المسكوب الذين صاروا على حدود نهر الطونا قد انتصروا على عساكر الدولة هناك وتغلبوا عليهم.
وفي سنة 1184ه، استأنفت الجنود العثمانية الحرب والقتال مع عساكر المسكوب فقهرتهم وأرجعتهم إلى مدينة بطرسبورج خاسرين، وحينئذ تداخلت النمسا بين الدولتين بشأن عقد الصلح، فرفض المسكوب ذلك، وحشد الجنود وجمع العساكر وساقهم إلى القتال، فالتقوا بعساكر الدولة في جوار حوتين وكسروها بعد أن استولوا على الفلاق والبغدان، ثم عاودت الدولة الحرب مع الروس على أمل استرجاع البلاد التي فقدتها، فلم تنجح بالنظر لعصيان الأليكشارية وعدم انقيادهم لأوامر قوادهم، وحينئذ قطع الروس نهر الطونه وامتلكوا وارنه وسائر جزر القرم، وأقاموا عليها حاكما من التتر، ثم اتحدوا مع البروسيان والنمساويين على تقسيم بلاد اللهستان، فتكدر السلطان من ذلك وعقد العزم على الذهاب إلى دار الحرب - وكان مريضا - وبينا كان يحتفز للذهاب توفي رحمه الله، وكان ذلك عام 1187، بعد أن قضى في تدبير الملك نحو 16 سنة بالحكمة والمهارة.
السلطان السابع والعشرون
السلطان عبد الحميد ابن السلطان أحمد الثالث
ولد عام 1137ه، وجلس سنة 1187، وأخذ منذ جلوسه في تسكين الفتن الداخلية، وإعداد مهمات القتال، وتقوية المعاقل والحصون، ثم جرد جيشا جرارا لمقاتلة الروس سلم قيادته للصدر الأعظم، وبعد عدة وقائع كان الفوز بها للعساكر الشاهانية ، حدث شغب بين الأليكشارية أودى بهم إلى شق عصا الطاعة، والتمرد على قائدهم، فتركوه في ساحات المعركة وعادوا إلى القسطنطينية، ولما أعلم الباب العالي بما كان؛ أصدر أمره بعقد الصلح. وقد تم ذلك بمعاهدة تعرف بمعاهدة «كوجك قانيارجه»، كان من أحكامها تخويل الاستقلال للتتر في جهات القرم والقوبان، وأن تترك للروسية ممالك «قبارطاي وكرجستان»، وأن تكون ولاية الأفلاق والبغدان ممتازة، ثم حدث اختلاف شديد بين أمراء القرم أفضى بينهم إلى حمل السلاح، وكان ذلك بدسائس الروسية التي أخلت بمعاهدة كوجك قانيارجه، وحملت الدولة العلية على محاربتها محافظة على تلك المعاهدة، فساقت الجيوش واستولت على أكثر بلاد الروسية، بعد أن استرجعت قرمان وأزوم والبغدان. وفي سنة 1203، توفي السلطان، ودفن في تربته الشريفة بجوار بغجه قبوسي. عاش 66 سنة، قضى منها 16 عاما على سرير السلطنة، رحمه الله وأفاض عليه سحاب رضوانه.
السلطان الثامن والعشرون
السلطان سليم الثالث ابن السلطان مصطفى الثالث
ولد عام 1175ه، وجلس سنة 1203، وبعد جلوسه وجه مزيد عنايته إلى تنظيم الجنود، وحشد الجيوش، وتقوية المعاقل، وتعزيز المالية، وبينا كان يشتغل في هذه المهام أشهرت عليه الحرب دولة الروسية والنمسا، فدفع جيوشها عن بلاد السلطنة بقوة جنوده المظفرة التي ساقها إلى حقول المعركة تحت قيادة الصدر الأعظم يوسف باشا وقبودان باشا، ولما التقت الجيوش اشتبكوا بالقتال والكفاح في عدة مواقع أظهرت فيها عساكر آل عثمان شجاعة غريبة، وأخيرا تقهقرت، واستولت الروسية والنمسا على قلعة بلغراد وبندر وإيالتي الأفلاق والسرب والمدن التي على سواحل نهر الطونه، ثم زحفت جنود الروس على قلعة إسماعيل الشهيرة فحاصرتها، وبعد مدة طويلة افتتحتها عنوة عقيب أن فقد من العساكر عدد جسيم جدا، وحينئذ توسطت دولة الإنكليز مع بروسيا لإبرام عقد الصلح بين الدولة العلية والروسية، تحت شرط أن يعطى للروسية القرم وجزيرة كامان ومقاطعة بسرابيا والأراضي التي بين نهر البوغ ودنيستر؛ حيث أقامت الروسية مدينة أودسيا تذكارا لنصرتها في ذلك الزمان.
وحدث في تلك الأثناء أن ثارت الأمة الفرنساوية وقتلت ملكها لويس الخامس عشر، وظهر نابوليون بونابرت الشهير الذي دوخ الدنيا بفتوحاته، فافتتح مصر وبعض جهات فلسطين، ثم صافى الدولة العلية وكاشفها روابط الحب، ووعدها بالمساعدة على تنظيم جنديتها بأن يرسل إليها ضباطا ماهرين، ويعزز عمارتها البحرية لمنع الروس والإنكليز من العبور في بوغاز إسلامبول، فلما علم بذلك كله إمبراطور الروس غضب وتكدر، وأرسل للحال قسما من جيوشه إلى احتلال بلاد الأفلاق والبغدان، فتأثرت الدولة من ذلك ونوت على إشهار الحرب. أما دولة الإنكليز فلم يرضها اتحاد الدولة مع فرنسا، وبذلت جهد المستطاع في حمل الدولة على إخراج سفير فرنسا من الآستانة، فما رضيت بذلك بالرغم عن إلحاح الأميرال الإنكليزي الذي كان راسيا بأسطوله الحربي في مياه إسلامبول. ولما قطع المذكور أمله من بلوغ المراد قلع مراسيه من بوغاز جناق قلعة، وسار للإسكندرية، فدفعه عنها الطيب الذكر محمد علي باشا الكبير.
وبعد ذلك ثار وجاق الأليكشارية، ونهضوا يثيرون الفتن، ويكثرون من الفساد، ويقتلون بعض رجال الدولة لكونهم وافقوا السلطان سليم على إدخال النظام العسكري الجديد في بلاد الدولة، ثم نادوا في المدينة باسم السلطان مصطفى، وخلع السلطان سليم، وأرسلوا له شيخ الإسلام يخبره بذلك، فلما امتثل بين يديه، وعلم منه ذلك، نزل عن كرسيه وسار إلى الحبس ليقضي بقية العمر، وبعد مدة قضى شهيدا في الحبس عام 1222ه، ودفن في تربة والده السلطان مصطفى.
Página desconocida