Historia de la prensa árabe
تاريخ الصحافة العربية
Géneros
تبكي المدارس والجرائد حسرة
والشرق بين بلاده وعباده
خدم البلاد وليس أشرف عنده
من أن يسمى خادما لبلاده
الفصل الثالث
رفاعة بك الطهطاوي
هو السيد رفاعة بك بن بدوي بن علي بن محمد بن علي بن رافع، ويلحقون نسبهم بمحمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين ابن فاطمة الزهراء.
ولد في طهطا بمديرية جرجا من صعيد مصر سنة 1216 هجرية/1801 ميلادية. ويؤخذ مما كتبه عن نفسه في رحلته التي سيأتي ذكرها أن أجداده كانوا من ذوي اليسار، وأخنى الدهر عليهم وقعد بهم كما هو شأنه في بني الزمان، فلما ولد المترجم كانت عائلته في عسر؛ فسار به والده إلى منشأة النيدة بالقرب من مدينة جرجا، وأقام بين قوم كرام يقال لهم بيت أبي قطنة من أهل اليسار والمجد، فأقاما هناك مدة ثم نزحا إلى قنا ولبثا بها حتى ترعرع الغلام فأخذ يقرأ القرآن، ثم نقل إلى فرشوط، وأخيرا عاد إلى طهطا وكان قد حفظ القرآن، وقرأ كثيرا من المتون المتداولة على أخواله، وفيهم جماعة كبيرة من العلماء الأفاضل كالشيخ عبد الصمد الأنصاري، والشيخ أبي الحسن الأنصاري، والشيخ فراج الأنصاري وغيرهم.
ثم توفي والده فجاء رفاعة إلى القاهرة وانتظم في سلك الطلبة بالجامع الأزهر سنة 1223ه، وجاهد في المطالعة والدرس جهادا حسنا حتى نال من العلم شيئا كثيرا ، ولم تمض عليه بضع سنين حتى صار من طبقة العلماء الأعلام في الفقه واللغة والحديث وسائر علوم المعقول. وكان في جملة من تلقى العلم عليهم من العلماء الشيخ حسن العطار المتوفى سنة 1250ه شيخ الجامع الأزهر، فأحب صاحب الترجمة وميزه عن سائر أقرانه التلامذة، وخصه بالتقرب منه لما آنس فيه من الذكاء والاجتهاد؛ فكان يتردد إلى منزل الشيخ يأخذ عنه بعض العلوم أو يستشيره في أمر أو ما شاكل ذلك. وقضى صاحب الترجمة بمجاورة الأزهر زهاء ثماني سنوات، وكان، كما قدمنا، في عسر، وكانت والدته تنفق عليه بما تبيعه من بقايا حليها ومصاغها، فلما أتم دروسه تعين سنة 1240ه إماما في بعض آلايات الجند براتب يساعده على القيام بأود حياته.
وكان ذلك العصر زاهيا بالمغفور له محمد علي باشا مؤسس العائلة الخديوية الكريمة، وكان رحمه الله آخذا في مشروعاته تعزيزا لشأن هذا القطر السعيد وفي جملتها نشر العلوم؛ فأحب إرسال جماعة من شبان هذا القطر إلى أوروبا لتلقي العلوم الحديثة ليكونوا له أعوانا في فتح المدارس وبث تلك العلوم في أبناء البلاد، فأمر بتعيين صاحب الترجمة إماما لهم للوعظ والصلاة، فسارت الإرسالية المشار إليها من مصر سنة 1241 وهي أول إرسالية مصرية إلى فرنسا، فتاقت نفس المترجم إلى علوم المغرب؛ فعكف على درس اللغة الفرنساوية من تلقاء نفسه رغبة منه في تحصيل العلوم بها، أو نقله منها إلى العربية لعله يتخلص من مهنة الإمامة. وكان معظم درسه اللغة بنفسه؛ فلم يتقن التلفظ بها، ولكنه تمكن من فهم معانيها فهما جيدا. وأخذ يطالع العلوم الحديثة فأتقن التاريخ والجغرافيا وعلوما أخرى. وكان ميالا إلى التأليف والترجمة فترجم وهو في باريس كتابا سماه «قلائد المفاخر في غرائب عوائد الأوائل والأواخر» وغيره، فبلغ المغفور له محمد علي باشا ما أظهره السيد رفاعة من النباهة والرغبة في العلم من تلقاء نفسه؛ فسر به سرورا عظيما واستبشر بطالعه.
Página desconocida