.. لَهُ من كتاب الله أعذب منهل ... وَمن سنة الْمُخْتَار شرب يلائمه
وَمن نهج أَشْيَاخ الطَّرِيقَة مَنْهَج ... تقهقر عَنهُ عربه وأعاجمه
وَلَا غرو اذ خير النَّبِيين جده ... وَمِنْه خوافي ريشه وقوادمه
أَتَانِي كتاب مِنْهُ يرْعَى عهوده وَأَنِّي على الْعَهْد الَّذِي هُوَ عالمه
فَقلت لَهُ أَهلا وسهلًا ومرحبًا ... وفضت جيوش الْغم إِذْ فض خَاتمه
عفى الله عَن هَذَا الزَّمَان فَإِنَّهُ ... يحاربنا دأبا وَنحن نسالمه
يُفَارق مَا بَين الخليلين عنْوَة ... وَمن كَانَ أقوى مِنْك كَيفَ تحاكمه
ويلحم فِينَا غَارة بعد غَارة ... وتفجأنا فِي كل يَوْم ملاحمه
سَلام على الشَّيْخ الْكَبِير الَّذِي غَدَتْ ... كراماته مَعْرُوفَة ومكارمه
لكل زمَان قَائِم فِي صروفه ... وَهَذَا زمَان أَنْت لَا شكّ قائمه
فَلَا تخلني من دَعْوَة مستجابة ... فَأَنت وسيع الْبر جم مراحمه ...
فَهَؤُلَاءِ الْعلمَاء الَّذين عاصروه وَبِكُل فضل وصفوه وَلم نذْكر مِنْهُم إِلَّا الْيَسِير إِذْ هم جم غفير وَجمع كثير وَلَو ذكرت الْكل مفصلا لطال هَذَا الْبَاب وَخَرجْنَا عَمَّا التزمناه من الإيجاز إِلَى الأسهاب وَحكى من مجاهداته أَنه هجر النّوم بِاللَّيْلِ أَكثر من ثَلَاثِينَ سنة
وَأما كراماته فكثيرة كقطر السَّحَاب لَا تدْرك بعد وَلَا حِسَاب وَلَكِن أذكر مِنْهَا على سَبِيل الْإِجْمَال دون التَّفْصِيل ثَلَاث حكايات تكون كالعنوان على بَاقِيهَا بِالدّلَالَةِ والتمثيل
مِنْهَا انه لما رَجَعَ من الْحَج دخل زيلع وَكَانَ الْحَاكِم بهَا يَوْمئِذٍ مُحَمَّد ابْن عَتيق فاتفق انه مَاتَت أم ولد للْحَاكِم الْمَذْكُور وَكَانَ مشغوفًا بهَا فكاد عقله يذهب لموتها فَدخل عَلَيْهِ سَيِّدي لما بلغه عَنهُ من شدَّة الْجزع ليعزيه ويأمره بِالصبرِ والرضاء بِالْقضَاءِ وهى مسجاة بَين يَدي الْحَاكِم بِثَوْب فَعَزاهُ وَصَبره فَلم يفد فِيهِ ذَلِك واكب على قدم سَيِّدي الشَّيْخ يقبلهَا وَقَالَ يَا سَيِّدي إِن لم يحيي الله هَذِه مت انا أَيْضا وَلم تبْق لي عقيدة فِي أحد فكشف سَيِّدي وَجههَا وناداها باسمها فأجابته لبيْك ورد الله روحها وَخرج الْحَاضِرُونَ وَلم يخرج سَيِّدي الشَّيْخ حَتَّى اكلت مَعَ سَيِّدهَا الهريسة وَعَاشَتْ مُدَّة طَوِيلَة
1 / 79