قَبيلَة من الْيمن وهم يزرعونها على المَاء الَّذِي جَاءَ من نَاحيَة السد يسقون أَرضهم سقية وَاحِدَة ويزرعون عَلَيْهِ ثَلَاث مَرَّات فِي كل عَام وَيكون بَين زرع الشّعير وحصاده فِي ذَلِك الْموضع نَحْو شَهْرَيْن وَكَانَ بهَا سيل العرم الَّذِي جرى ذكره فِي سبأ فغرقت الْبِلَاد حَتَّى لم يبْق إِلَّا مَا كَانَ على رُؤُوس الْجبَال وَذَهَبت الحدائق والجنان والضياع والدور وَجَاء السَّيْل بالرمل فطمها وَهِي على ذَلِك إِلَى الْيَوْم كَمَا أختبر الله تَعَالَى ﴿فجعلناهم أَحَادِيث ومزقناهم كل ممزق﴾ والعرم المسناة بنتهَا مُلُوك الْيمن بالصخر والقار حاجزًا بَين السُّيُول والضياع ففجرته فَأْرَة فَيكون أظهر فِي الأعجوبة
قَالَ ابْن الوردي وَكَانَ من حَدِيثه إِن امْرَأَة كَانَت رَأَتْ فِي منامها ان سَحَابَة غشيت أَرضهم فارعدت وابرقت ثمَّ أصعقت فأحرقت كل مَا وَقعت عَلَيْهِ فَأخْبرت زَوجهَا بذلك وَكَانَ يُسمى عَمْرو بن عَامر فَذهب إِلَى سد مأرب فَوجدَ الجرذ وَهُوَ الفار يقلب برجليه حجر لَا يقلبه إِلَّا خَمْسُونَ رجلا فراعه مَا رأى وَعلم أَنه لَا بُد من كائنة تنزل بِتِلْكَ الْقرْيَة فَرجع فَبَاعَ جَمِيع مَا كَانَ لَهُ بمأرب وَخرج هُوَ وَزَوجته وَولده مِنْهَا وَأرْسل الله تَعَالَى الجرذ على ذَلِك السد الَّذِي يحول بَينهم وَبَين المَاء فأغرقهم وَهُوَ سيل العرم فهدم السد وَخرج إِلَى تِلْكَ الأَرْض فاغرقها كلهَا وَهُوَ السد الَّذِي بناه لُقْمَان الْأَكْبَر ابْن عَاد بناه بالصغر والرصاص فَرسَخ ليحول بَينهم وَبَين المَاء وَجعل فِيهِ أبوابًا ليأخذوا من مَائه مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ انْتهى
وَذكر الْقزْوِينِي فِي عجائب الْبلدَانِ مَا يقرب من ذَلِك قَالَ إِن سيادة الْيمن كَانَت لولد حمير ولولد كهلان وَكَانَ كَبِيرهمْ عمرَان بن عَامر وَكَانَ جوادًا عَاقِلا وَكَانَ لَهُ ولاقاربه من الحدائق مَا لم يكن لأحد من ولد قحطان وَكَانَت عِنْدهم كاهنة اسْمهَا طريفة قَالَت لعمران والظلمة والضياء وَالْأَرْض وَالسَّمَاء ليقبلن اليكم المَاء كالبحر إِذا طما فيدع أَرْضكُم خلاء يسفي عَلَيْهَا الصِّبَا فَقَالُوا لَهَا أفجعتينا بِأَمْوَالِنَا فبيني لنا مَقَالَتك فَقَالَت انْطَلقُوا إِلَى رَأس الْوَادي لترون
1 / 66