Historia de Napoleón Bonaparte: 1769–1821
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Géneros
لقد خيل إلى البعض أن بونابرت دفع إلى قتل الدوق دانكيان رغبة في إعطاء ضمان ضد عودة البوربونيين، أما المتآمرون، الذين حاولوا أن يعيدوا عرش البوربون بقتل بونابرت، فقد شاهدوا من سجونهم بعد ذلك أنهم لم يعملوا إلا على إعطاء تاج للذي توقعوا أن يروه ميتا.
الفصل التاسع
لو لم يرغب بونابرت في سوى سلطة كبرى لتوطيد النظام في الدولة وإعطاء الثورة النمو المنظم الذي جعلته تشنجات الديموقراطية مستحيلا مدة طويلة لكفاه الحكم السامي الدائم، لا سيما مع إعطائه حق اختيار خلفه بنفسه، إلا أنه كان يطمح في الحصول على سلطة وراثية اعتقادا منه أنه إنما يعالج في ذلك دوام النظام الجديد، سليل الثورة. قال: «إن الوراثة تستطيع وحدها أن تمنع ثورة جديدة تنقض مجريات الأولى. لا يخشى على شيء في مدة حياتي، إلا أن كل رئيس انتخابي سيكون بعدي عاجزا عن الوقوف في وجه محاربي البوربون ... إن فرنسا مدينة بكثير لقواد فرقها العشرين الذين قاتلوا ببسالة في سبيلها، إلا أن هؤلاء القواد لم تتوفر في أحد منهم شروط القائد العام، أو رئيس الحكومة.» إلام استند بونابرت بهذا الرأي الصارم الذي أعطاه عن قواد الفرق الممتازين؟ ألم يكذب أحد من هؤلاء، فيما بعد، ما عزاه إليهم من عدم الأهلية للحكم؟ أو ليس أحد هؤلاء القواد الذين قيل عنهم باحتقار، سنة 1804، إنه لم تتوفر في أحد منهم شروط الحكم، هو الذي بقي حتى عام 1839 يشغل عرش «وازا» الذي صعد إليه في سنة 1810 من غير أن يتاح لحزب السلالة الملكية القديمة، التي حطمت صولجان نابوليون، أن تجد في هفوات ذلك القائد الفرنسي القديم وسيلة لترميم الحق في السويد، كما أتيح لها أن تعمل في فرنسا، وإنقاذ أوروبا من عار السرقة الملكية؟ وإذا كان حقيقة أن القواد العظام يعجزون عن إدارة الدولة أفليس في هؤلاء الرجال السياسيين الممتازين الذين يحيطون بالقنصل الأول من هو جدير بذلك المنصب؟
إننا لا نوافقه على ذلك، ولا شك في أن طمع بونابرت هذه المرة غره غرورا واضحا. قيل إنه وهو يبحث عن ضمان ثابت في تأسيس الوراثة الحاكمة إنما كان يتكل على أهمية المبدأ الوراثي؛ فهذا الأمل يبرهن برهانا أكيدا أن للنبوغ مهما تسامى أوقات رقاد، وللحذاقة مهما روضت ساعات غباوة.
لقد استند إلى عظمة المبدأ الوراثي في القرون الوسطى، ولم تكن الوراثة يوم ذاك ممكنة فقط بل ضرورية أيضا. كانت ممكنة لأنه كان يكفي أن يقفها الدين لتصبح حرما في نظر الأمراء والشعوب، التي كان إيمانهم الحي المتحد بذاته له السلطة على كل تنظيم وكل سنة تحمل الطابع الإلهي. كانت ممكنة لأن دهن الملوك في تلك الأوقات، التي كان الإيمان فيها عاما وحقيقيا، لم يكن احتفالا باطلا؛ ولأن الزيت المقدس كان ينطوي على فضيلة سياسية، ولم يكن الختم الشرعي إلا ملك مسيح الإله وسلالته. وكانت ضرورية لأن أمان المملكة ووحدتها، لولا «التكريس» الديني لتلك العقيدة السياسية، لعرضا للخطر، لدى نهاية كل ملك، على يد مزاحمات التوابع العظام الذين قد يجد بعضهم في طلب التاج عن طريق السلاح، والبعض الآخر عن طريق القوة لينالوا استقلالهم ويحطموا نير كل سيادة. عندما انتهى ريشاليوه ولويس الرابع عشر من قمع الأريستوقراطية القديمة ورسما خطة الوحدة والانضمام التي حققتها الثورة الفرنسية فيما بعد، قدر للشدة والجور اللذين عالجاهما ضد الكبراء أن ينجحا لصالح السلطة الملكية بدل أن يكونا شؤما عليها؛ لأن السلطة الملكية كانت يوم ذاك تمثل الحق الإلهي المصان بإيمان الشعب. ما حل بالحق الإلهي صائن الوراثة في سنة 1804؟ لقد تاب عنه الحق الإلهي للأهلية والنبوغ!
أكان حول الكرسي القنصلي توابع مهيبون، أسياد على أجمل مقاطعات الملك، يترصدون الفرصة لشهر الحرب وإطلاق الفوضى في الدولة ليستولوا على السلطة السامية أو يستقلوا في زاوية من زوايا المملكة؟ لا، لم يكن يخشى من ذلك شيء؛ إذ إن الطغراء كانت ممزقة! وكانت فرنسا ترى بدل السلطات الإقطاعية سلطة جديدة تتدفق من جميع الجهات، من الزراعة والتجارة والفنون والعلوم، وترتفع فوق السلطات القديمة بكل ما في السيادة الحقة من الأهلية الشخصية التي هي فوق أعراض النسب، والتي لا تستطيع أن تبقى وتنشأ إلا بالسلام.
لقد أخطأ بونابرت بطلبه تحقيق الحكم الوراثي على يد قواعد وأعمال هي من شأن حالة اجتماعية مختلفة، والذي كان ممكنا وضروريا في وسط مجتمع عسكري مؤمن، لم يكن ممكنا ولا ضروريا في مجتمع صناعي مرتاب لا تحيط به عربدة إقطاعية يخشاها، ولا يطلب من حظوظ المواقع نفسها ثمنا للانتصارات الحربية اللامعة إلا الحق في الاستسلام بطمأنينة إلى أعماله الهادئة. كان القنصل الأول، في الأيام المجاورة للثامن عشر من برومير، قد أعطى بنفسه أسبابا عظيمة ضد الوراثة، وصرح أن هذا التنظيم، الذي كان صالحا لفرنسا في القرون الوسطى، أصبح مستحيلا على فرنسا في القرن التاسع عشر، قال: «إن الوراثة منافية للعقل ليس لأنها لا تضمن ثبات الدولة فحسب بل لأنها مستحيلة في فرنسا. لقد وطدت زمنا طويلا في فرنسا، ولكن بتنظيمات جعلتها ممكنة. تلك التنظيمات لم تبق، ويجب أن لا توطد بعد، إن الوراثة تشتق من الحق المدني؛ إنها وجدت لتثبيت تقلبات الملكية. كيف يوفق بين وراثة الحكم الأول ومبدأ سيادة الشعب؟ كيف يعتقد أن هذا الحكم ملك. عندما كان التاج وراثيا كان هناك عدد كبير من الولايات الوراثية أيضا، تلك الفرية كانت قاعدة كادت تكون عمومية ، ولكن لم يبق منها شيء اليوم.» (عن كتاب القنصلية والإمبراطورية للكاتب تيبودو).
إلا أن بونابرت ما لبث أن قلب مجرى أفكاره فلم تبق السلطة السامية الدائمة لتكفيه، ولقد وجدت الفكرة الطماعة بتأسيس دولة وراثية وإعطاء أسرته تاجا ملكيا رغبة شديدة في نفسه، ثم إن سياسته الوطنية الفلسفية الرحبة كذكائه أصبحت معرضة للطخات وانحطت على أقيسة الكبرياء والتدابير السلالية، قال شاتوبريان:
1 «إن هذا الجبار المفرط لم يكن يقرن مقدراته بمقدرات معاصريه، وكان نبوغه ينتسب إلى العصر الحالي، وطمعه إلى العصور القديمة، إنه لم يشعر بأن عجائب حياته إنما كانت تفوق التيجان بمراحل.»
إن من الحق أن نقول إن بونابرت، وهو يذعن لانتساب طمعه إلى العصور القديمة، قد احتفظ بميله إلى ضروريات «العصر الحالي» لكيلا يعزو إلى الوراثة التي يؤسسها الطابع المطلق ونتائج الحق الإلهي القديم. وكان يرغب في التوفيق بين الوراثة وسيادة الشعب بقدر ما يستطيع؛ فعندما توجه إليه مجلس الشيوخ في الثامن عشر من شهر أيار سنة 1804 ليرفع إليه المرسوم الذي به دعي القنصل الأول إلى العرش وبه أعلن المقام الإمبراطوري وراثيا في أسرته قال في جوابه متكلفا: «إنني أذعن إلى تثبيت الشعب شريعة الوراثة، وآمل أن فرنسا لن تندم على المراتب العليا التي ستشمل بها أسرتي.»
Página desconocida