Historia de Napoleón Bonaparte: 1769–1821
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Géneros
فسلمت قلعتا كوني وتورتون إلى الجمهوريين وأضيفت عليهما قلعة سيفا وعقدت الهدنة.
كم أنجز من الأعمال في شهر واحد! أصبحت الجمهورية مطمئنة إلى مرافئها وحدودها لا يهددها مهدد، بل أصبحت بدورها تخيف الملوك الذين كانوا يهددونها فيما مضى، وهذا الانقلاب تم بسرعة مدهشة على يد جيش فان لم يكن لديه زاد ولا مدافع ولا خيالة، هذه الأعجوبة كانت نتاج نبوغ رجل عظيم، وروح الحرية التي أعطته جنودا وقوادا حريين به.
أصيب الغرباء بدهش عظيم، وقلق خاطر الجيش الفرنسي الذي كان طافحا بالإعجاب بقائده الفتى، في وسط تلك الانتصارات الغريبة؛ لأنه كان يفكر في ضعف الوسائل التي يملكها ليتابع مجريات ذلك الحظ اللامع، فلكي يبدد نابوليون ذلك القلق ويدفئ أيضا حماسة الجماهير، وجه إليهم من شيراسك هذا الالتماس الآتي: «أيها الجنود! لقد قيض لكم ستة انتصارات في خمسة عشر يوما، وربحتم واحدا وعشرين علما، وخمسة وخمسين مدفعا، وكثيرا من الحصون المنيعة، وغزوتم أغنى جهة من جهات بيمونت، لقد أسرتم خمسة عشر ألف محارب، وقتلتم وجرحتم أكثر من عشرة آلاف رجل، لقد كنتم قبل ذلك تحاربون لأجل صخور جرداء عززتموها بشجاعتكم، ولكنها كانت غير مفيدة للوطن، أما اليوم فإنكم تضارعون بخدمكم جيش هولاندا والرين المنتصر، لقد عوضتم عن كل شيء بعد أن كنتم معدمين، لقد ربحتم حروبا من غير مدافع، وعبرتم أنهرا من غير جسور، وقمتم بسير شاق من غير أحذية، وبتم لياليكم في الصحاري من غير خمر وخبز، إن جحافل الجمهورية وجنود الحرية هم وحدهم جديرون بمقاساة ما قاسيتم، فالوطن العارف الجميل مدين لكم بخيره وسعادته، وإذا تفاءلتم بموقعة 1793
4
الخالدة؛ فإن انتصاراتكم الحاضرة تتفاءل بألمع منها.
إن الجيشين اللذين كانا يهجمان عليكم بجسارة وجرأة يهربان من وجهكم اليوم، والرجال الأردياء الذين كانوا يضحكون من فاقتكم ويفرحون في قلوبهم لفوز أعدائنا أصبحوا اليوم خجلين مضطربين، ولكن، أيها الجنود، يجب ألا أكتمكم أنكم لم تعملوا شيئا حتى الآن لأن أمامكم بعد أعمالا عظيمة، فلا تورين تخصكم ولا ميلان، ورماد منتصري تاركين لا تزال تدوسه قتلة باسيفيل! لقد كنتم مجردين من كل شيء في بدء المعركة، وهو ذا أنتم مزودون بكل شيء، إن المخازن التي أخذتموها من أعدائكم لكثيرة العدد، ولقد وصلت إلينا مدفعية الحصار.
أيها الجنود! يحق للوطن أن ينتظر منكم أعمالا كبيرة، أتحققون أمله؟ إن الموانع الكبرى قد اخترقت كلها، ولكن لا يزال أمامكم حروب تشهرونها، ومدن تملكونها، وأنهر تعبرونها، أفينا من تخونه شجاعته؟ أفينا من يؤثر العودة إلى قمة الأبينين والألب ليسمح بأناة لعنات هؤلاء العساكر العبيد ؟ لا! ليس بين منتصري مونتينوت، وميليزيمو، وديغو، وموندروفي من يقدم على ذلك، إنكم جميعا تضطرمون لتحملوا بعيدا مجد الشعب الفرنسي، إنكم جميعا ترغبون في إذلال هؤلاء الملوك المتصلفين الذين كانوا يعزمون بجسارة على إعطائنا الحديد، إنكم جميعا ترغبون في نص سلام مجيد يعوض على الوطن ضحاياه العديدة، أيها الأصدقاء! إني أعدكم بهذا الفتح، ولكن هناك شرطا يجب أن تقسموا على تتميمه: هو أن تحترموا الشعوب التي تنقذونها، وأن تقمعوا النهب المشين الذي لا يندفع إليه إلا الأشرار صنيعة أعدائكم، وإلا فلا تصبحون منقذي الشعوب بل بلاياها، لا تصبحون شرف الشعب الفرنسي وينكركم! فانتصاراتكم، وشجاعتكم وفوزكم، ودم إخوتنا الذين ماتوا في الحروب، كلها تفقد حتى الشرف والمجد، وأما أنا والقواد الذين استوت لهم ثقتكم فإننا لنخجل أن نقود جيشا لا نظام له ولا رادع، ولا يعرف قانونا إلا القوة، إلا أني، استنادا إلى السلطة الوطنية وإلى قوتي المؤسسة على العدالة والقانون، سأعرف كيف أجعل ذلك العدد القليل من الرجال الجبناء، الضعفاء القلوب، يحترمون شرائع الإنسانية والشرف التي يدوسونها بأقدامهم، إنني لن أطيق على نفسي أن أرى بعض اللصوص يلطخون أكاليل الغار المتلألئة على جباهكم، وسأنفذ تنفيذا مطلقا القانون الذي نظمته، فالناهبون يعدمون بالرصاص، ولقد جرى ذلك لكثيرين حتى الآن!
شعوب إيطاليا! إن الجيش الفرنسي قادم ليحطم قيودك: فالشعب الفرنسي هو صديق الشعوب كلها، تعالوا إليه بثقة ورجاء، وأيقنوا أن أملاككم ودينكم وعاداتكم تبقى محترمة، إننا نحارب كأعداء كرماء، ولا تنال إلا من الظالمين الذين يستعبدونكم.»
كان هذا الكلام يبشر في نابوليون بأكبر من القائد الكبير، كان يبشر برجل الأمة والسياسي الماهر الذي شعر بأن الحظ سيرفعه إلى قمة «المنتصر الشارع»، والذي يسعى إلى تهييج ميول الشعب نحوه، كما يسعى إلى استمالة إعجابهم بأن ينادي عليهم بإنقاذهم ومعاقبة الناهبين واحترام دينهم وعاداتهم.
كان نابوليون على قيد عشرة فراسخ من تورين
Página desconocida