Historia de Napoleón Bonaparte: 1769–1821
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
Géneros
بعد أن وزع نابوليون المكافآت على القواد الذين أبلوا بلاء حسنا في هذه المعركة التفت إلى الذين أبطئوا في زحفهم أو تهاملوا في قيادتهم، فوبخ الجنرال مونبرن على تركه غاب فونتنبلو للكوزاك من غير مقاومة، إلا أن التوبيخ الذي خرج من فم نابوليون، وكان له دوي في جميع أوروبا، وأثر تأثيرا كبيرا هو الذي وجه إلى المرشال فيكتور. جاء في المذكرة ما يلي: «كان على الدوق ده بللون أن يصل إلى مونترو في السابع عشر مساء ، ولكنه توقف في سالنس، فهذه هفوة فظيعة؛ لأن احتلال جسور مونترو كان أتاح للفرنسيين أن يدركوا النمسوي منغمسا في الجريمة.»
ولم يكتف الإمبراطور بهذا التوبيخ العلني بل أرسل إلى المرشال فيكتور الإذن بالانفصال عن الجيش وسلم القيادة للجنرال جيرار. أما فيكتور، الذي أحزنه موت صهره الجنرال شاتو الباسل، فلم يبق ساكنا لدى هذا العزل، بل جاء إلى الإمبراطور وقال له: «إن المشقات التي كابدها الجيش إنما هي التي سببت هذا التأخير.» وزاد على ذلك بقوله: إنه إذا اقترف هفوة فالطعنة التي حلت بأسرته كفرت عنها تكفيرا عظيما، عند هذا تمثلت لنابوليون صورة شاتو المحتضر وفطرت قلبه، فاغتنم المرشال هذه السانحة ليقول له بشفقة: «أنا ذاهب لآخذ بندقية، فلم أنس مهنتي القديمة، وسترى فيكتور مصطفا في صفوف الحرس.» فالتوى نابوليون لدى هذه اللهجة النبيلة، وبسط له يده قائلا: «إذن فابق يا فيكتور، لا أستطيع أن أعيد إليك جيشك لأني سلمته إلى جيرار، ولكني أعطيتك كتيبتين من الحرس، فاذهب واستلم قيادتهما.»
في الثالث والعشرين من شهر شباط دخل نابوليون إلى تروا ...
انتهى إلى نابوليون وهو في تروا، أن الجنرال بلوخر يحاول الزحف إلى باريس فأسرع حالا للدفاع عن عاصمته، وفي السابع والعشرين مساء وصل إلى جوار مقاطعة لاوب والمارن فصرف الليل في هربيس، واستقر في دير هناك لا يحتوي إلا على غرفة واحدة.
وفي اليوم التالي بلغه أن مورتيه ومارمونت اندحرا أمام بلوخر في طريق مولان، وجيش هذا كان يربو على الجيش الفرنسي، فزحف مسرعا إلى هذه الجهة وحمل أركان جيشه إلى قصر إسترني حيث صرف الليلة التي بين الثامن والعشرين من شهر شباط وأول آذار. كان الجيش العدو قد أصبح على مقربة من باريس فأخذ نابوليون يفكر في الوسيلة التي تمكنه من إيقافه. أما بلوخر، فلما علم بدنو الإمبراطور، أخذ يحتال للتملص منه وهرب مسرعا في طريق سولسون؛ عند هذا استلم مورتيه ومارمونت أمرا بمطاردة البروسيانيين، فنفذاه تنفيذا جميلا؛ إذ إن زحفهما إلى سولسون، الذي كان موآزرا زحف الإمبراطور، حصر بلوخر بين جيشين فرنسيين أوشك البروسيانيون أن ينكسروا انكسارا فظيعا، حتى إن هربهم لم يكن ليستطيع أن يوصلهم إلا إلى تسليم أو إلى مذبحة فظيعة تحت أسوار سولسون؛ ولكن الحكمة لم تكن تريد أن يتلاشى البروسيانيون؛ فعندما أوشك بلوخر أن يقع تحت طعنات الكتائب الفرنسية التي تحرجه وتزنره فتحت له سولسون أبوابها وكان عليها أن تقاومه.
كان نابوليون في فيسم لما انتهى إليه ماذا جرى في سولسون فكان سخطه مضارعا لدهشته، وأصدر حالا مرسومين؛ يأمر في الأول الفرنسيين جميعهم بأن يسرعوا إلى السلاح لدى دنو الأعداء، وضمن الآخر العقاب الذي يلحق بالخائنين لكل موظف يحاول أن يبرد عزائم المواطنين.
كان المفوضون الإنكليز، في معاهدة جرت في شومون في أول آذار، قد أخذوا عهدا على جميع سلطات البر أن لا تلقي السلاح إلا بعد أن تعيد فرنسا إلى حدودها القديمة.
كان الجيش الفرنسي يكاد يدرك بلوخر في كراوون ويقاتله قتالا تاما عندما أرسل الدوق ده فيسانس برقيات إلى الإمبراطور، يعلن له فيها، أن العصبة تتطلب منه ليس أن يتخلى عن فتوحات الجمهورية والإمبراطورية فحسب، بل أن يكون هذا التخلي كفاتحة للمداولات، وأن يمتنع المفوضون الفرنسيون عن إظهار مطاليب معاكسة لمقاصد السلطات العليا؛ إلا أن مفوضي أوروبا القديمة كانوا يعلمون جيدا، أن الرجل الذي ارتفع فوق الأمجاد القديمة والحديثة، والذي يمثل فرنسا الفتاة، لن يهبط من ذلك العلو ليذعن إلى ملوك لا يزالون يحملون على جباههم الملكية آثار قدميه، إذن فمن البديهي أن تكون هذه المطاليب شهر حرب جديدة لا مفاوضة في صلح، ومن البديهي أيضا تجاه هذه المطاليب أن يخلد نابوليون إلى القتال، فزحف إلى لاون التي كان الجيش البروسياني محتلا مرتفعاتها. أما بلوخر، فعلى ما حل به من الانكسارات العديدة، لم يأل جهدا في تغذية جيشه بالرجال حتى أصبح وهو على رأس مائة ألف مقاتل.
في العاشر من شهر آذار، الساعة الرابعة صباحا، بينما كان نابوليون يستعد للهجوم على البروسيانيين جيء إليه بجنديين من الدراغون أخبراه بأن فرقة الدوق ده راكوز دوهمت فجأة في الليلة نفسها وشتت تشتيتا تاما، فأوقف نابوليون لدى هذا النبأ الأمر بالهجوم الذي كان أعطاه إلى قواده، إلا أن العدو، الذي بلغته حوادث الليل، أعلن القتال بسرعة كبيرة، وبعد معركة هائلة أبلى فيها فيلق شربنتيه بلاء حسنا، أخذ نابوليون يفكر في التقهقر. فغادر شافينيون في الحادي عشر صباحا، وصرف النهار التالي في سولسون التي ترك فيها الدوق ده تريفيز ليحول دون جيش بلوخر، وانحدر إلى رنس التي كان العدو قد استولى عليها بعد قتال جرى بينه وبين الجنرال كوربينو فدخلها عنوة في الليل الواقع بين الثالث عشر والرابع عشر من شهر آذار.
بقي الإمبراطور ثلاثة أيام في رنس صرفها في التدبيرات العسكرية والتنظيمات الإدارية. وفي حين كان الجنرال ميزون على الحدود الشمالية يدافع عن المراكز التي عهد إليه بحراستها، وكان كارنو يحبط مساعي الإنكليز على مقربة من إنفرس، كانت حظوظ الحرب تنقلب على نابوليون في جميع جهات الإمبراطورية. لقد قوتل سول في أورتز وتقهقر إلى تارب وتولوز، وضعف أوجرو في ليون حتى أخذ يستعد للتخلي عنها والاستحكام وراء الإيزير؛ وفتحت بوردو أبوابها للإنكليز منتظرة قدوم الدوق دانكوليم، ووصل الكونت دارتوا إلى بورغونيا، وأخيرا أتيح لشوارتزنبرج، الذي لم يبق ماكدونلد وأودينو قادرين على إيقافه، أن يهدد باريس التي بدأت العصبة الملكية تنتعش فيها من يوم إلى يوم.
Página desconocida