Historia de la gramática árabe: Visto desde la evolución de su concepto: Reflexiones exploratorias
تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية
Géneros
كان هذا كله موجودا ومعروفا عند ابن جني من نحو سيبويه، ولم يكن ابن جني في حاجة إلى أن يعود من جديد ليعالج الكيفية التي ينجز بها المتكلم الكلام؛ لأن سيبويه كان قد استنفدها، لا يليق بابن جني الذي درس النحو، وخبره وعرفه وعرف معه المفاهيم والقضايا النحوية وتآلف معها أن يكرر ما فعله سيبويه. لقد قاد تمرس ابن جني وخبره بالنحو الخالص إلى التفكير النحوي في فكرة العلل التي نشأت لأول مرة؛ أعني قوله: «ذلك أنا لم نر أحدا من علماء البلدين (البصرة والكوفة) تعرض لعمل أصول النحو على مذهب أصول الكلام والفقه.»
14
انطلاقا من فهم ابن جني لفكرة النحو الخالص أراد أن يعلله؛ لكي يجعله مقنعا لمن يريد أن يدرسه؛ أي إن ابن جني أراد أن يبرهن على أن التغييرات التي يجريها المتكلم على الكلام لا يجريها اعتباطا؛ إنما هي تغييرات معللة. هذه العملية احتاجت من ابن جني أن يسأل «لماذا؟» ليكتشف انتظام الكلام على العلة بالترابط بين الكلمات التي توجد مع بعضها في الجملة، وبتعبير ابن جني «بعض العمل يأتي مسببا عن لفظ يصحبه». وقد مكن هذا الأسلوب المعتمد على التعليل ابن جني من أن يضع في الكلام افتراضات واستقراءات وتنبؤات. لقد ظهرت علل النحو عند ابن جني بديلا لحجة النحوي الضعيفة، وليس بلا دلالة أن ينسب هذان البيتان إلى ابن فارس المعاصر لابن جني.
15
مرت بنا هيفاء مجدولة
تركية تنمي لتركي
ترنو بطرف فاتر فاتن
أضعف من حجة نحوي
يكمن الفرق بين علل النحو وحجة النحوي في الفرق بين ما ينتمي إلى العلم وما يخرج عن العلم. فاستشهاد النحوي بآية من القرآن أو ببيت من الشعر القديم لبيان مخططات العرب في تأليف كلامهم هو حجة، بينما تقتضي علل النحو القدرة المعرفية؛ أعني معرفة النحو لا معرفة النحوي. تشير حجة النحوي إلى أن النحوي يجب أن يخضع لكلام العرب، بينما تشير علل النحو إلى أن كلام العرب ينتظم وفقا لمعرفة النحو. أما الفرق الأهم فهو أن علل النحو تعني التلاؤم مع تصور ما. والتلاؤم عنصر عقلاني ذو دلالة مهمة جدا ضمن تصور ابن جني للتعليل. وهذا ما نفهمه من تمييز ابن جني بين علل الفقه وعلل النحو، وكون علل الفقه أدنى رتبة من علل النحو. ويشرح هذا مستعينا بالتاريخ الثقافي والاجتماعي فالجاهليون يحصنون فروج مفارشهم، ويجيرون الجار ويحفظونه؛ أي إن الشريعة جاءت بما هو معلوم ومعمول به عند العرب، ولو لم تصادق الشريعة على تلك الممارسات الحياتية لما أخل بحال تلك الممارسات ولاستمرت كذلك. ثم إننا لا نعرف علة عدد ركعات الصلاة، ولا ترتيب الأذان، ولا ترتيب مناسك الحج. والخلاصة هي «جميع علل النحو إذن مواطئة للطباع، وعلل الفقه لا ينقاد جميعها هذا الانقياد.»
16
Página desconocida