Historia de la gramática árabe: Visto desde la evolución de su concepto: Reflexiones exploratorias

Cali Shadawi d. 1450 AH
47

Historia de la gramática árabe: Visto desde la evolución de su concepto: Reflexiones exploratorias

تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية

Géneros

المنزلة المعرفية للغة الكلام مقابل لغة الشعر

أنهى سيبويه رسالة الكتاب بمجموعة من الملاحظات، وأدرجها تحت عنوان عام هو «باب ما يحتمل الشعر». يقول: «اعلم أنه يجوز في الشعر ما لا يجوز في الكلام من صرف ما لا ينصرف ... وحذف ما لا يحذف ... وربما مدوا مثل مساجد ومنابر ... وقد يبلغون بالمعتل الأصل، فيقولون رادد في راد، وضننوا في ضنوا، ومررتم بجواري قبل ... ومن العرب من يثقل الكلمة إذا وقف عليها، ولا يثقلها في الوصل، فإذا كان في الشعر فهم يجرونه في الوصل على حاله في الوقف نحو: سبسبا وكلكلا ... ويحتملون قبح الكلام حتى يضعوه في غير موضعه ... وجعلوا ما لا يجري في الكلام إلا ظرفا بمنزلة غيره من الأسماء.» لقد أطلت الاستشهاد لكي أحدد قيمة ما أورده سيبويه فيما يتعلق بالمنزلة المعرفية للغة الكلام في مقابل لغة الشعر، ولكي أدعم تصور لغة الشعر على طريقة الخليل بن أحمد (الشعراء أمراء الكلام) الذي قد يرى البعض أن سيبويه أورده متأثرا بالخليل؛ فالنصان فيما أذهب إليه لا يتماثلان، ولا يتحملان المعنى ذاته من جهة الغاية؛ ذلك أن الغاية عند الخليل بن أحمد غاية عروضية تتعلق بالوزن؛ فالفرزدق - مثلا - مد الصيارف في بيته الشهير «تنقاد الصياريف» من أجل أن يستقيم الوزن. أما الغاية عند سيبويه فهي غاية نحوية؛ أي لا يجب أن تخضع لقواعد النحو من حيث الصحة والخطأ، ذلك أن الشاعر اضطر إلى ذلك اضطرارا لكي يكون له لغته الخاصة، وهو ما يفهم من قوله: «وليس شيء يضطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها.» ويمكن أن نفهم هذا القول في إطار أن اللغة منظومة اجتماعية، فهي تقتضي دائما بأن يضحي الفرد بلغته الخاصة من أجل لغة الناس جميعا، وما يحدث للغة الشعر هو أن الشاعر يضحي بلغة الناس من أجل لغته الخاصة.

الفصل الرابع

النحو مجردا مما هو ثقافي

يرى ابن جني أن النحاة القدماء خبروا شخصيا الكلام في الحياة اليومية، ودلل على ذلك بقوله: «ليس المخبر كالمعاين.»

1

وفي صفحة أخرى يقول: «يستوضحون من مشاهدة الأحوال ما لا يحصله أبو عمرو من شعر الفرزدق إذا أخبر به عنه، ولم يحضره إنشاده.»

2

يتحرز ابن جني بهاتين العبارتين من اللغة المكتوبة التي لا تساعد على اكتشاف خصائص اللغة الحية؛ لأن اللغة المكتوبة «خارجة عن ظروف الحياة الواقعية؛ وهي كذلك لا يمكن أن تعطي صورة صحيحة لحالة لغوية؛ لأنها بحكم الضرورة، وبفضل امتيازها، تعيش الماضي والحاضر والمستقبل جميعا، ولأن الكاتب الواحد في صفحة واحدة يمكن أن يكون سابقا لتطور اللغة المتكلمة ومتخلفا عنه.»

3

Página desconocida