جاءت عجوز بابي سعيد بن الحسين بن أحمد بن بهرام الحباهي والأصح على أبن فضل إلى خياط يعلمه الخياطة، فكان الصبي يأخذ الثوب المفصل من أستاذه الخياط يخيطه في موضع لا يراه أستاذه، فلما طال ذلك سأله الخياط على انفراده وغيبته. قال له عليّ بالفضل: إني لآخذ الثوب منك فأصعد على أعلى ذروة نقم أخيط هناك وأفكر وأشرف إذا ملكت صنعاء من أي باب من الأبواب أدخلها. فلما سمع الخياط لفظ علي بن فضل قال له: قم نسكن جبل نقم فسكناه وصار كل من يقتل أو يهرب من دين أو مظلمة صعد إليهم آمن فلا زالوا على حالهم في مكانهم إلى أن التأم إليهم وانضاف إليهم خلق وعصوا في الجبل، وصارت سرية القوم تصابح صنعاء وتماسي. فلما أستقوى وضعف حال ولاة صنعاء تملكها فتولاها. فإذا هو على مذهب القرامطة وكان مولع بحب النساء يفصل لهم الفتوحى وكان يوقف النساء حلقة دائرة ويدخل هو في كم إحداهن ويتفرج على نهودها وأعكانها وأركانها ويمسك قماشها ويخرج من كمها إلى كم صاحبتها، ولا يزال إلى أن يدور على الجميع ولم تنكشف إحداهن إلى كل عندها ما عند صاحبتها وكل بروحها مشغولة. ويسمى الفتوحى لاستفتاح صنعاء ويقال إنّه فتح الخياط وكان يلبسوه نساء بغداد إلى أواخر دولة الإمام أبي محمّد الحسن المستضيء بنور الله أمير المؤمنين، ونسخت في أيام دولة أبي العباس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين، ولبس نساء جميع العرب وجميع التركمان والكرد والباذج ونساء أهل سيستان إلى الآن منه. ولهذا يقال للصنعاني يا أبا حسان، حدثني يحيى بن عبد الله الخياط قال: زرع اسعد الصنعاني في أرض له شعيرا فلما بلغ الحصاد قال للحصاد: ألا وكل من أراد حصاد حنطة! فالتام معه خلق، فلما وصلوا الزرع وإذا به شعير. قال: فنادى بعض الحاصدين بعضهم: يا أبا حسان! يعنون صاحب الزرع لأن كنية اسعد أبو حسان أي كذب أبو حسان، فمن الحين والوقت سنة أثنين وعشرين وستمائة ويقال بالعجمية كندم نما جو فروش أي يظهر عين الغلال وحنطة ويبيع شعير، وهذا عيب عظيم. ولهذا يقال صنعاء محاصرة، حدثني سليمان بن منصور قال: إذا وقع في لحية إنسان من العرب يعني زيد شيء من فتات الخبز أو قشر أو شيء لا يليق به قول عمرو لزيد: صنعاء محاصرة! فيمسك زيد لحيته يهزها ليقع ذلك الشيء منه ويقول: حاشا صنعاء تحاصر وهذه اللحا باقية! وهي إشارة بين القوم كما قال:
وما زلت اطوي مهمها بعد مهمه ... على حسرة حتى وقعت على صنعا
كما يقال في الشام: حلب محاصرة.
عجائب ذمار
لم يوجد فيها حية ولا عقرب وإذا دخل إنسان بحية إلى ذمار فعند دخوله الباب تموت الحية. ويقال إذا اخذ من تراب ذمار وشذر في سلة الحواء موت جميع حياته وهذا اعجب شيء يكون. ويقال إنّ أرضها كبريتية لا يقيم فيها من المؤذيات شيء إلا هلك ومنها يجلب الكبريت إلى سائر أعمال اليمن. ويكون طول آبارهم ثلاثة اذرع.
صفة جبل لاشي
وهو جبل الشب. ومشارق ذمار بمسافة فرسخين جبل يسمى لشي وجميع حجره ومدره ويمينه وشماله وشأمه وبمنه قطعة واحدة لحب، وفي صيد منه أي ضرس منه كهف وفي الكهف بحر ماء حار يغلي وكل مريض ويمرض من أهل البلاد يأخذ منه فدى كل على قدره يعرى به على باب الغار ينزل وبعد ذلك يسبح في الماء وما يخرج منه إلا وهو متعاف. وفوق منه مدينة مدور من جبالها يستخرج وتسمى المعدن والمقر، ومغارة صنعاء جبل اللوز وسرير ملك مدينة نعمة ومن ورائها منامة وهي مدينة ذات طول وعرض. وجميع هذا الجبل يحمل اللوز لا غير.
صفة نكاح أهل هذه الأعمال
1 / 73