لا تطمئن إلى الدنيا وزينتها ... وإن توحشت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة والجيران ما فعلوا ... أين الذين بها كانوا لنا سكنا
سقاهم الموت كأسا غير صافية ... فصيرتهم لطباق الثرى رهنا
وإلى قلعة ضراس نصف فرسخ. وإلى وادي ورزان نصف فرسخ. وإلى ذي جبلة نصف فرسخ، ويصعد نقيل ذي جبلة ويسمى النقلين وهما جبلان يسمى أحدهما نقيل ندران والثاني نقيل العكائف. وما اشتهر بهذا الاسم إلا إنّه كان به عجائز وعتكفات والله اعلم.
بناء ذي جبلة
ذي جبلة من مخلفات جعفر. وجبلة كان رجل يهودي يبيع الفخار في الموضع الذي بنيت فيه دار العز وبه سميت المدينة. وأوّل من اختط ذي جبلة عبد الله بن محمد الصليحي المقتول على يد سعيد الأحول بن نجاح مع أخيه علي الداعي بن محمد بن علي يوم المهجم وكان أخوه قد ولاه حصن التعكر وهذا الحصن مطل على ذي جبلة وهي من سفحه. وهي مدينة بين نهرين جاريين في الصيف والشتاء، وأختطها عبد الله بن محمد سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. وبها كانت تسكن الحرة الملكة السيدة بنت محمد بن جعفر بن موسى الصليحي.
فصل
ولمّا كان في سنة سبع وأربعين وخمسمائة ابتاع الداعي محمد بن سبأ من الأمير منصور بن فضل جميع المعافل التي كانت لبني الصليحي وهي ثمانية وعشرين حصنا ومدائن ومن جملتها مدينة ذي جبلة، واشتراها منه بمائة ألف دينار. ونزل الأمير منصور بن المفضل حصنيه صبر وتعز وطلق زوجته الصليحية وهي بنت عبد الله بن عبد الله بن محمد الصليحي وصعد الداعي المخلاف وسكن في ذي جبلة وتزوج امرأة الأمير منصور بن المفضل. واكثر الشعراء تهنئته ومدحوه بالمعاقل والعقيلة المذكورين وطاش فرحا بما صار إليه وبسط يديه في العطايا والله اعلم.
بناء المخلاف ونجا
٠٠ - ٠كما يقال أعمال اليمن، ويقال مخلاف تعكر ومخلاف جعفر أي من أعمال تعكر وأعمال جعفر. والمخلاف أعمال كل حصن بذانه يكون صعودا أدخلت تلك الأعمال إلى ذلك الحصن وكان حول كل حصن من القرى والزراعات فهو مخلافه. والمخلاف عند أهل اليمن عبارة عن قطر واسع، وليس تعرف المخاليف إلا بجبال اليمن وإما في التهائم فليس يعرف والله اعلم.
ذكر تغلب ونفقها وحصن التعكر
ولمّا خرج المنصور بن الحسين بن نجاح بن زبيد بأخيه عبد العزيز بن جباش هاجر هو وعبيده عن الملك المفضل بن أبي البركا والتزموا له على النصرة ربع البلاد، فسار المفضل معهم فاخرج عبد الواحد ملكهم ثم هم أن يغدر بهم ويملك زبيد. فحين خلا التعكر وطالت إقامتهم بتهامة وفي التعكر نائب له يسمى الجمل وكان هذا الجمل متمسكا بالدين فصعد إليه إلى التعكر سبعة من إخوانه الفقهاء منهم محمد بن قيس الزجاجي ومنهم عبد الله بن يحيى ومنهم إبراهيم بن زيدان وكانت له البيعة، فاخذوا الحصن من الجمل. وكانت الرعايا قد قالت للفقهاء: إذا حصلتم في رأس الحصن فأوقدوا النار. ففعل ذلك ليلا فأصبح عندهم على رأس الحصن عشرون ألفا واستولت الفقهاء على ذلك ولم يعهدوه. ووصل الخبر إلى المفضل بتهامة فسار مسير ظبي لا يلوى على أحد إلى التعكر، فقامت خولان في نصرة الفقهاء، وأقام الحصار عليهم. فلما طال ذلك قال إبراهيم بن زيدان لن أموت حتى أقتل المفضل ثم أهلا بالموت! فعمد إلى حظاياه من السراري فأخرجهن في أكمل زي وأحسنه وجعل بأيديهن الطارات وأطلعهن على السقوف سقوف القصر بحيث يشاهدهن المفضل ويسمع هو وجميع من معه من تلك الأم أصواتهن. وكان المفضل أكثر الناس غيرة وأنفة فقيل إنه مات في تلك الليلة وقال آخرون: امتص خاتما كان معدا عنده فأصبح ميتا والخاتم في فيه. وكان موته في رمضان سنة أربع وخمسمائة. ولمّا مات المفضل طلعت الحرة من ذي جبلة وخيمت على باب التعكر، وكاتبت الفقهاء ولاطفتهم إلى أن كتبت لهم خطها بما اقترحوه من أمان وأموال. واشترطوا عليها أن ترحل هي وجميع الحشود وتوصل إليهم من ترضاه واليا. وولى لها التعكر مولانا القائد فتح بن القائد فتح. حدثني السلطان ناصر بن منصور قال: حدثني إبراهيم بن زيدان إنّه وصل نصيبه من العين خمسة وخمسون ألفا يعني دينارا لمّا تركوه من حصن التعكر.
1 / 65