وكانت بنو زياد لمّا أتصل بهم أختلال دولة العباسية من قتل المتوكل وخلع المستعين تغلبوا على ارتفاع اليمن وركبوا بالمظلة وساسوا قلوب الرعية ببقاء الخطية لبني العباس. فلما قتل إبراهيم بن زياد وقبض على عمته تملك نفيس وركب بالمظلمة وضرب السكة باسمه واسم الحسين بن سلامة. فلما إنتهى إلى نجاح ما فعله نفيس في مواليه ركب وقصد نفيسا إلى زبيد فجرى بينهما عدة وقائع منها يوم رمع ويوم فشال على نجاح ومنها يوم العقدة ويوم العرق وفيه قتل نفيس على باب سهام وقتل بين الفريقين خمسة آلاف رجل. وفتح نجاح زبيد في سنة إثني عشر وأربعمائة، وقال نجاح لمرجان: ما فعل مولاك بموالينا؟ قال: هم في ذلك الجدار. فأخرجهما نجاح وصلى عليهما وبنى عليهما مشهدا وأدخل مرجانا في موضعهما فبنى عليه وعلى جثة نفيس حائط وركب نجاح بالمظلة وضرب السكة باسمه وكاتب أهل العراق وبذل الطاعة فبعث له ولقب المؤيد بنصر الدين وفرض إليه تقليد القضاء والنظر في الجزيرة اليمنية. ولم يزل نجاح مالكا للتهائم وقاهرا لأهل الجبال وكوتب وخوطب بالملك وبمولانا، ومن أولاده سعيد وجياش ومعارك والذخيرة ومنصور فتغلبت ولاة الحسين بن سلامة على الحصون، فتغلب على عدن ولحج وأبين والشحر وحضرموت بنو معن بن زائدة، وقيل من غير ولد معن بن زائدة الشيباني وتغلب على السمدان وعلى حصن السواء والملوة وصبر وحب والنعكر ومخلاف الجند ومخلاف المعافر قوم من حمير يقال لهم بنو الكرندي. وتغلب على حصن حب وحصن عزان وبيت عز وحصن الشعرين وحصن أنور والمقيل والسحول وحصن خدد والشوافي السلطان أبو عبد الله الحسين التبعي. وتغلب على حصن أشبح وهو مقر الداعي سباٍ بن أحمد الصليحي وعلى مقري وحصون وصاب ومخاليفها قوم من البكيل وهم من همدان. وتغلب على صنعاء ومخاليفها قوم همدان. وتغلب على حصن مساره وجبل تيس قوم من حراز ومنه ثار الصليحي بدعوة المستنصرية. وبعهدهم تولى الحسين بن سلامة ومات في سنة اثنتين وأربعمائة. وتولى بعده الأمير علي ابن محمد الصليحي وقتل في الثاني عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة. وتولى بعده الملك السيد الأعظم عظيم العرب المكرم أحمد بن محمد ابن علي الصليحي ومات في سنة أربع وثمانين وأربع مائة وأسند الدعوة إلى سبا بن محمد أحمد بن المظفر بن علي الصليحي. وتولى بعده سعيد الأحول وقتل تحت حصن الشعرين سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وفي هذه السنة خرج أخوه جياش بن نجاح وخلف بن أبي الطاهر الأموي الوزير مسافرًا إلى الهند. وأول من أدار سور زبيد الحسين بن سلامة وبعده الحبشة.
وتولى بعده ذهابهم الشيخ علي بن المهدي القريتي وقعد على سرير الملك يوم الجمعة الرابع عشر من رجب سنة أربع وخمسين وخمس مائة وأقام بها علي بن المهدي بقية رجب وشعبان ورمضان ومات في شوال من سنة، فكان مدة ملكه شهرين وأحد وعشرين يوما. وأدعى الخلافة وفيه يقول:
سير الأنام قديمها وحديثها ... فرح القلوب وروضة المنتزه
أشهى من الماء الزلال على الظمأ ... وألذ من عصر الشباب الامره
فاليوم يحتج الخليفة بعده ... بالقائمين الهاديين وزهره
شبليه سبطيه اللذين إليهما ... شرف الإمامة والخلافة وينتهي
1 / 28