Historia Moderna de Egipto: Desde la Conquista Islámica hasta Hoy con un Resumen de la Historia Antigua de Egipto
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
Géneros
ثم لاح له أن دمياط بعد أن دكت أسوارها لم يبق ما يعيق مراكب العدو عن المرور في النيل؛ فأمر بردم مصب النيل هناك، وبعث بفرقة من الحجارين فمضوا، وقطعوا كثيرا من الحجارة، وألقوها فيه حتى ضاق وتعذر سير المراكب منه إلى دمياط، وهو على ذلك إلى اليوم، فإن المراكب الكبيرة لا تستطيع المرور فيه فتنقل البضائع منها إلى الجروم، والمتواتر على ألسنة البعض أن سبب ذلك وجود جبل أو رمل متجمع هناك. (5-1) محاربة التتر
وفي خلال ذلك جاء القاهرة قائد تتري ناقلا منشورا من هولاكو ملك المغول حفيد جنكيز خان، وكان التتر قد انتشروا في جميع آسيا الشمالية الشرقية، وكان هولاكو قد غزا العراقيين بجيش عظيم، واستولى على مدينتي الموصل وحلب، وقتل الخليفة المستعصم بالله كما تقدم، ونزل هولاكو على سوريا ففتح دمشق والسواحل البحرية حتى قصد مصر فبعث إليها منشورا مضمونه: من ملك الملوك شرقا وغربا القان الأعظم، ونعت فيه نفسه بألفاظ معظمة، وذكر في الكتاب شدة سطوته، وكثرة عساكره، وما جرى على أهل البلاد منه، ولا سيما ما فعله في بغداد، وما جرى على أهلها منه إلى أن قال: «يا أهل مصر، أنتم قوم ضعاف فصونوا دماءكم مني، ولا تقاتلوني أبدا فتندموا.»
فلما قرأ قطز ذلك المنشور، وعلم ما كان من أمر فتوح هذا التتري، وما هو عليه من القوة والمنعة أوجس خيفة، غير أن جيوشه كانوا قد حاربوا الجيوش الصليبية، وانتصروا عليها، ولم يزل في نفوسهم عزة الظفر وأنفة النصر فاستخفوا بقول هولاكو، وأصروا على القتال؛ فحشدهم قطز، وجهزهم بما يلزم من العدة والسلاح، واستقدم إليه قبائل العربان، وفرق فيهم وفي سائر جيشه نحوا من ستمائة ألف دينار جمعها من الضرائب التي أقامها على المصريين مما دعاه تصقيع الأملاك وزكاتها ، وأحدث على كل إنسان دينارا يؤخذ منه، وأخذ ثلث التركات الأهلية فكان يجمع منها 6000 دينار سنويا.
ثم سار من القاهرة لملاقاة التتر في غاية شعبان سنة 658ه وما كاد الجيشان يلتقيان حتى اتصل بهولاكو خبر موت أبيه منجو خان ملك التتر، فاضطر إلى العود حالا ليطالب بحقوق الوراثة. فعاد تاركا في سوريا نحوا من عشرة آلاف من نخبة فرسانه تحت قيادة نسيبه ونائبه كتبغا؛ لمحاربة قطز، فالتقيا في فلسطين في عين الجالوت فالتحم الجيشان، وحصلت بينهما واقعة كبيرة شفت عن هلاك كتبغا وكل رجاله، والقبض على ابنه، وغنم المصريون غنيمة كبيرة تكفي لإغناء كل المشرق؛ لأنها تحتوي على أثمن ما نهبه هولاكو من أغنى المدن في أثناء فتوحه.
فعاد الملك المظفر إلى القاهرة ظافرا، ولم تتم سعادته؛ لأن المنية كانت في انتظاره على الطريق، فقتله بعض رجاله الذين كانوا يترقبون فرصة لقتله، فتمكنوا من ذلك يوم السبت في 17 ذي القعدة سنة 658ه بعد أن حكم 11 شهرا و13 يوما.
وتفصيل ذلك أنه بينما كان عائدا بجيشه إلى القاهرة مر من أمامه أرنب بري، وكان مولعا بالصيد فسار على أثره في عرض الصحراء حتى أمعن فيها، ثم عاد وحده ولا صيد معه، فتقدم لملاقاته أحد أمرائه المدعو ركن الدين بيبرس البندقداري فلما دنا منه هم ليده كان يريد تقبيلها فأمسكها بإحدى يديه وطعنه بالأخرى في قلبه فسقط صريعا يخبط الأرض. فجاء باقي الأمراء، وكانوا متواطئين معه على هذه الفعلة، فرفعوا جثة سلطانهم، ودفنوها في قبر صغير قرب قبر خلف، فخشي ذوو الفقيد أن تبلغ الموسى لحاهم فتفرقوا في مصر السفلى لا يظهرون على أحد، وكان الأتابك إذ ذاك في الصالحية مع السواد الأعظم من الجيش فسار إليه قتلة قطز، وأخبروه بما فعلوا فقال لهم: «من منكم ضربه الضربة الأولى؟» فأجاب بيبرس «أنا هو» فقال له: «فاحكم مكانه.»
فبويع بيبرس للحال، ولقب بالملك القاهر، ثم تشاءم من هذا اللقب فأبدله الملك الظاهر، وأضاف إليه أبا الفتوح، وكان يلقب أيضا بالعلائي وبالبندقداري نسبة إلى سيده الذي كان يدعى علاء الدين بندقدار. (6) سلطنة الظاهر بيبرس البندقداري (من سنة 658-676ه/1260-1277م)
ولما تم لبيبرس أمر السلطنة سار إلى القاهرة، واستوزر بهاء الدين بن حنا، واتخذ بلباي (بيلي بك) الخازندار، وهو من أعز أصدقائه بل هو صنيعته، وجعله نائب السلطنة، وصار صاحب الحل والعقد فيها، واستقدم من بقي من عائلة قطز فأمنهم، وضمهم إليه، وأطلق من في السجون جميعا بغير استثناء، وأكثر من العطايا لرجاله، وأبطل كثيرا من الضرائب التي كان قد ضربها سلفه؛ كتصقيع الأملاك وتقويتها وأخذ زكاة ثمنها في كل سنة وجباية دينار من كل إنسان وغير ذلك، وأعلن أمره هذا على لسان الخطباء في المنابر.
على أنه مع ذلك لم ينل رضاء كل الرعية. فأهل الشام شقوا عصا الطاعة، وبايعوا الأمير سنجر صاحب حلب، ولقبوه بالملك المجاهد، وعضدهم على ذلك التتر أصحاب هولاكو . فسار بيبرس حالا إلى دمشق؛ لإخماد الثورة فحارب التتر، وتغلب عليهم في 3 وقائع متوالية. فقنط الدمشقيون من المساعدة فسلموا المدينة فدخلها، وانتقم منها شر الانتقام، وما زال حتى أخضع بلاد الشام، ولما عاد إلى القاهرة أخذ في إصلاح الداخلية. (6-1) الخلفاء العباسيون بمصر
وفي سنة 659ه قدم القاهرة رجل من بغداد، قال: إنه من ذرية بني العباس، واسمه الإمام أحمد بن الخليفة الظاهر بأمر الله بن الناصر بن المستنصر. فلما بلغ الملك الظاهر قدومه خرج إلى لقائه. فلما وصل إلى المطرية تلاقى هناك هو والإمام أحمد المذكور، وكان الإمام أحمد هذا أسمر اللون، وأمه أم ولد حبشية. فلما وقعت عين الملك الظاهر عليه نزل عن فرسه، ونزل الإمام أحمد عن فرسه أيضا وتعانقا، ثم ركبا ومرا في القاهرة، ودخلا من باب النصر فزينت له القاهرة، وكان له موكب عظيم، ويوم مشهود لم يسمع بمثله. فلما وصلا إلى القلعة طلع الإمام أحمد مع السلطان إلى القلعة فأنزله السلطان في قاعة الأعمدة فأقام بها أياما.
Página desconocida