Historia antes de la historia
تاريخ ما قبل التاريخ
Géneros
ولما كانت بلادنا تعوزها هذه المواد جميعا فلا الفحم الحجري معروف، كما أنه ليست لنا مصانع تنتج الفحم الكربون، وليست لدينا غابات تمكننا من صناعة فحم الحطب. كما أن مناطق البترول حيث الغازات قد تكون متوافرة، بعيدة جدا عن مواطن خام الحديد. فقيامنا على صنع الحديد والفولاذ محليا على أساس استعمال أي نوع من أنواع الوقود معناه استيراد هذا الوقود من الخارج، ونقل الخام من أسوان إلى نقطة متوسطة كالقاهرة مثلا؛ مما يجعل نفقات الصناعة تزيد على ما يمكننا أن نستورد به الحديد والفولاذ في الأوقات العادية.
وقد قام بدرس هذه المسألة الخبير الكيمائي لوزارة التجارة والصناعة، ولم يتردد في أن يقرر أن الإقدام على مثل هذه الصناعة على هذا الأساس مصيره الحبوط المحقق. كما أن الدكتور عباس محبوب - الكيمائي بمصلحة السكة الحديد - قدر تكاليف إنتاج الطن من الحديد الزهر الذي يصنع في وقت السلم بالقاهرة بنحو 383 قرشا، بينما يستورد عادة بأقل من ذلك. على أنني أخشى أن يظهر التمحيص الدقيق أن الفرق على كل حال لا يشجع على الإقدام على صناعة الحديد في مصر على أساس استيراد الفحم من الخارج، ولا سيما أنه ليس في مصر نفسها من الفنيين أو العمال من يفهم صناعة الحديد، مما يتحتم معه استقدام المهندسين والفنيين بل بعض رؤساء العمال وبعض العمال أنفسهم. وكل ذلك مما يزيد في نفقات الإنتاج. (صناعة الحديد والصلب بالكهرباء) على أن هناك بارقة أمل في الأفق، ذلك ما نراه في زيادة الاهتمام بمشروع هو في نظرنا من أكبر المشروعات الحيوية الصناعية في هذه البلاد؛ ألا وهو توليد الكهرباء من مساقط الماء في خزان أسوان. والكهرباء قد أصبحت من الوسائل التي تستعمل في صناعة الحديد والفولاذ.
ولئن كان استعمال الكهرباء في استنباط الحديد من خاماته، وصناعة الصلب من تماسيح الحديد لم تبدأ إلا في السنين الأخيرة، إلا أنه خطا خطوات واسعة. فأعدت لذلك أفران كهربائية مختلفة تعالج مختلف أصناف الخامات. وقد أصبح الفولاذ الناتج بالطرق الكهربائية يعادل أجود أنواع الصلب التي تصنع بالوسائل الأخرى. وقد قام البرهان على أنه حيث يكون توليد الكهرباء رخيصا، فإن تكاليف إنتاج الفولاذ بالكهرباء تكون أقل كثيرا من تكاليف إنتاجه على أساس استعمال الوقود، وهذا مع الاحتفاظ بجودة الصنف.
فالمنجنيز والكروم والتنجستن والمولبيدينوم والنيكل، وجميعها من المعادن التي تخلط بالحديد في صناعة أنواع من الصلب، بعضها يمتاز بصلابته والبعض يمتاز بعدم قابليته للصدأ وهلم جرا. هذه المعادن جميعا في مصر وبعضها في حالة الاستغلال، فإذا وجد أن صناعة الصلب نفسها ممكنة في أسوان فإن الاستعانة بهذه المعادن قد تكفينا مئونة استيراد الأنواع الخاصة من الصلب.
الفصل العاشر
قصص آدم وحواء وجنة عدن والطوفان ونوح
لما كانت الكتب السماوية والقصص القديمة قد ذكرت قصة خلق آدم وزوجه حواء، وجنة عدن، وقصة الطوفان وسفينة نوح، رأينا أن نذكر هنا شيئا عنها، لما لهذا من الصلة بنشوء الكون والحياة الإنسانية والحيوانية على الأرض، وهو موضوع «تاريخ ما قبل التاريخ». (1) آدم وحواء
جاء في «التوراة» ما خلاصته أن الله خلق «آدم» من التراب - وآدم في العبرية معناه التراب - ثم نفخ في أنفه نفسا حية، وخلق معه «حواء» لتكون معينا له، بأن أوقع عليه سباتا فنام، فلما استيقظ وجد إلى جانبه «حواء»، فعاش معها في سعادة وهناء في جنة، فيها الثمار والأزهار ولم يحرم الله عليه وعلى زوجته إلا شجرة واحدة، هي شجرة معرفة الخير والشر، غير أن التحريم قد أثار شهوة الزوجين، وتمثل الشيطان «لحواء» في صورة حية، وأغراها بأكل ثمرة من تلك الشجرة فأصغت إلى كلامه، وأكلت من الثمرة وأعطتها إلى رجلها أيضا فأكل معها، فأثار هذا غضب الله عليهما فطردهما من الجنة ولعن الأرض بسببهما.
هذا ولما عثر المنقبون من رجال البعثة الأمريكية الأثرية، التي يرأسها الدكتور سبينرر في أطلال مدينة «تيب حورا» على قطعة من الفخار منقوش عليها الصورة رجل وامرأة أحنى الحزن ظهريهما، ووراءهما أفعى أكبر من كل منهما حاولت الانقضاض عليهما، فاندفعا - هلعين - للخروج، ذهبوا إلى أن هذه الصورة مثل قصة آدم وحواء؛ ذلك لأن فحص هذا الأثر أبان أن نحاتها كان حيا حوالي 370 قبل الميلاد، أو قبل أن تورد التوراة قصتي الخليقة وآدم وحواء بألفي سنة.
ثم إن البعثة قد عثرت على مدينة «تيب حورا» حين كانت تنقب عن طلال مدينة أور الكلدانيين، والمظنون أنها مسقط رأس إبراهيم الخليل. (2) جنة عدن
Página desconocida