وقبض على جماعة من الجند حصلوا في السجون مودعين، وبالمنون موعدين (1)، وجاءهم اليوم العبوس (2)، وحيزت منهم الأموال ثم حزت الرؤوس، وسحبوا إلى السور ونصبوا عليه، وسلبوا حتى من ستر ما يحرم النظر إليه. وكان فيهم واحد من أعيان البلد وفضلائهم صلى بما صلوا، وحصل حيث حصلوا. ثم إن الوالي أخبر أنه قد اكتفى فكف، وأظهر أنه عفا وعن الدماء عف، فأهدى الأمان، وأهدر ما كان، ولم تكن لأزمنة أمانه عدة محسوبة، بل ولا مدة محسوسة (3)، إنما كان ينبذ به الاحتيال على الاغتيال (4)، وينسخه قبل التمكن من الامتثال، فقتل ناسا، وأظهر من الفظاظة أجناسا.
وأتي برجل نجار، وكان بينه وبين القائد علقة جوار، وكان قد اطلع على سره، وأراد الناس قتله خيفة شره، ولم يأمنوا أن يسم بريا بظلمه، أو يسمي أحدا فلا تعمل الرقى في سمه، فحين حضر عند الوالي واستنطقه، تكفل له بالصدق إن هو أطلقه، فقال تكلم فأنت طليق، وأقبل عليه وهو بالاختلاق في ذلك الموقف خليق (5)، فأطال نجواه،/ 18/ ومعه مداد ودرج كتب به كل ما أملاه، فحينئذ ساءت الظنون، وانتظر ما يكون، وانهل وبل البلاء، وسال غيم الغماء (6)، وبلغت القلوب الحناجر (7)، واتهمت العيون
Página 88