ليهم الحجاج: أما بعد، فإنكم قد اعتدتم عادة الأذلاء، وقد صفحت لكم مرة بعد مرة، وإنى أقسم بالله عز وجل قسما صادقا : إن عدتم لذلك لاوقعن بكم إيقاعا يكون أشد عليكم من هذا العدو الذى تهربرن منه في بطون الأودية والشعاب، وبعث إلى عبد لرحمن عند طلوع الشمس فقال : ارتحل الساعة، وناد فى الناس: برئت الذمة من رجل من هذا البعث وجدناه متخلفا، فخرج حتى مر بالمدائن، فنزل بها يوما وليلة، واشترى اصحابه حوائجهم، ثم نادى بالرحيل، ودخل على عثمان بن قطن، فقال له عثمان : إنك شير إلى فرسان العرب وأبناء الحرب وأحلاس الخيل، والله لكانهم خلقوا من ضلوعها؛ الفارس منهم أشد من مائة، فلا تلقهم إلا فى تعبية أو فى خندق، فخرج فى طلب شبيب، فارتفع شبيب إلى دقوقاء، وكتب الحجاج إلى عبد الرحمن أن اطلب شبيبا أين سلك ؛ حتى تدركه فتقتله أو تنفيه.
~~وكان شبيب يدنو من عبد الرحمن ، فيجده قد خندق على نفسه وحذر؛ فيمضى عنه، فاذا بلغه أنه قد سار انتهى إليه فوجده قد صف الخيل؛ فلا يصيب له غرة، فإذا دنا منه عبد الرحمن ارتحل خمسة عشر فرسخا أو عشرين ، فنزل منزلا غليظا خشنا.
~~ثم إن الحجاج عزل عبد الرحمن وولى عثمان بن قطن على أصحابه، فخرج شبيب فى مائة وواحد وثمانين رجلا، فحمل عليهم فانهزموا ودخل شبيب عسكرهم، وقتل نحوا من الفين من ذلك العسكر ، وقيل لابن الأشعث: قد ذهب الناس وتفرقوا، وقتل خيارهم، لرجع إلى الكوفة فاختبأ من الحجاج حتى أخذ له الامان بعد ذلك(1).
~~وفيها ولى عبد الملك بن مروان أبان بن عثمان المدينة، فحج أبان بالناس هذه السنة.
~~وتوفى في هذه السنة من الأعيان : حبة بن جوين بن على أبو قدامة العرنى الكوفى ، وزهير بن قيس بن شداد البلوى، وشريح بن الحارث بن قيس أبو أمية القاضى لم دخلت سنة سبع وسبعين وفيها قتل شبيب الخارجى عتاب بن ورقاء الرياحى وزهرة بن حوية؛ وذلك أن شبيبا لما هزم الجيش الذى بعثه الحجاج مع ابن الأشعث، وقتل عثمان بن قطن أوى - من الحر - إلى بلده يصيف بها، ثم خرج فى نحو من ثمانمائة رجل، فأقبل نحو المدائن، فندب الحجاج الناس، فقام إليه زهرة بن حوية وهو شيخ كبير ، فقال : إنك إنما تبعث ----
Página 138