ق الله لئ صيحكم هؤلاء غدوة، إنه لهلاككم، فقالوا: مرنا بأمرك، فقال: بايعونى أو من شئتم من أصحابكم، واخرجوا بنا حتى نشد عليهم في عكرهم، فإنهم آمنون، فبايعوا شبيبا - وهو شبيب بن يزيد بن نعيم الشيبانى - وأتوا باللبود فبلوها ، وجعلوها على جمر الباب، وخرجوا فلم يشعر الحارث إلا وشبيب وأصحابه يضاربونهم بالسيوف فى جوف العسكر؛ فصرع الحارث فاحتمله أصحابه، وانهزموا نحو المدائن، وحوى شبيب عسكرهم، وكان ذلك الجيش أول جيش هزمه شبيب .
~~ذكر الحرب بين أصحاب شبيب وغيره: كم إن شبيبا لقى سلامة بن سنان التيمى تيم شيبان، بأرض الموصل، فدعاه إلى الخروج معه، فشرط عليه سلامة أن ينتخب ثلاثين فارسا ينطلق يهم نحو غنزة؛ فيشفى تفسه منهم؛ فإنهم كانوا قتلوا أخاه فضالة؛ وذلك أن فضالة كان خرج فى ثمانية عشر رجلا حتى نزل ماء يقال له : الشجرة عليه أئلة عظيمة، وعليه عنزة نازلون، فلما رأوه قالوا: نقتل هؤلاء ونغدو على أميرنا فيعطينا شيئا، فقال اخواله من بنى نصر : لا نساعدكم على تل ابن اختنا، فنهضت عنزة فقتلوهم واتوا برهوسهم عيد الملك بن مروان؛ فلذلك أنزلهم بانقيا، وفرض لهم، ولم يكن لهم قبل ذلك فرائض إلا قليلة ؛ فقال سلامة أخو اقضالة يذكر قتل أخيه وخذلان أخراله اياه:
وما خلث أخوال الفتى يشليونه
الوقع الشلاح قبل ما فعلث نضر
وكان خروج فضالة قبل خروج صالح، فأجابه شبيب ، فخرج حتى انتهى إلى عنزة، فجعل يقتل محلة بعد محلة ، حتى انتهى إلى فريق منهم فيهم خالته قد اكبت على ابن لها وهو غلام حين احتلم، فأخرجت ثديها وقالت : أنشدك برحم هذا يا سلامة! فقال : والله ما رأيت فضالة مذ أناخ بأصل الشجرة - يعنى أخاه - لتقومن عنه أو لأجمعنكما بالرمح ، فقامت عنه؛ فقتله.
~~ذكر مسير شبيب إلى بنى شيبان وايقاعه بهم : ثم أقبل شبيب في خيله نحو راذان؛ فهرب منه طائفة من بنى شيبان ومعهم ناس من فغيرهم قليل، حتى نزلوا دير خرزاد إلى جنب حولايا، وهم نحو ثلاثة آلاف، وشبيب فى نحو سبعين رجلا أو يزيدون قليلا، فنزل بهم فتحصنوا منه .
~~ثم إن شبيبا سرى فى اثنى عشر رجلا إلى أمه، وكانت في سفح جبل ساتيدما، فقال: اتين بها، تكون في عسكري لا تفارقني حتي تموت أو أموت، فسار بهم ساعة، وإذا هو بجماعة من بنى شيبان في اموالهم مقيمين، لا يرون أن شبيبا يمر يهم ولا يشعر بهم، ----
Página 135