فصل مَا جَاءَ فِي ولَايَة قصي بن كلاب الْبَيْت الْحَرَام وَأمر مَكَّة بعد خُزَاعَة: عَن ابْن جريج وَابْن إِسْحَاق قَالَا: إِقَامَة خُزَاعَة على مَا كَانَت عَلَيْهِ من ولَايَة الْبَيْت وَالْحكم بِمَكَّة ثَلَاثمِائَة سنة، وَكَانَ بعض التبابعة قد سَار إِلَيْهِ وَأَرَادَ هَدمه وتخريبه فَقَامَتْ دونه خُزَاعَة فقاتلت عَلَيْهِ أَشد الْقِتَال حَتَّى رَجَعَ ثمَّ جَاءَ آخر فكذاك، وَأما تبع الثَّالِث الَّذِي نحر لَهُ وكساه وَجعل لَهُ علفًا، وَأقَام عِنْده أَيَّامًا ينْحَر كل يَوْم مائَة بَدَنَة لَا يرزؤه هُوَ وَلَا أحدا من عسكره شَيْء مِنْهَا، يردهَا النَّاس فِي اللخاخ والشعاب فَيَأْخُذُونَ مِنْهَا حوائجهم ثمَّ يَقع الطير عَلَيْهَا فيأكل ثمَّ يتناهبها السبَاع إِذا أمست لَا يرد عَنْهَا إِنْسَان وَلَا طَائِر وَلَا سبع ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْيمن إِنَّمَا كَانَ فِي عهد قُرَيْش فَمَكثت خُزَاعَة على مَا هِيَ عَلَيْهِ وقريش إِذْ ذَاك فِي بني كنَانَة مُتَفَرِّقَة، وَقد قدم فِي بعض الزَّمَان حَاج قضاعة فيهم ربيعَة بن حزَام بن ضبة بن عبد كثير بن عذرة بن سعد بن زيد، وَقد هلك كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب وَترك زهرَة وقصيا ابْني كلاب مَعَ فَاطِمَة بنت عَمْرو بن سعد بن شنل وزهرة أكبرهما فَتزَوج ربيعَة بن حزَام أمهما، وزهرة رجل بَالغ وقصي فطيم أَو فِي سنّ الفطيم، فاحتملها ربيعَة إِلَى بِلَاده من أَرض عدن من أَشْرَاف الشَّام فاحتملت مَعهَا قصيّا لصغره وتخلف زهرَة فِي قومه، فَولدت فَاطِمَة بنت عَمْرو لِرَبِيعَة رزاح بن ربيعَة فَكَانَ أَخا قصي بن كلاب لأمه، ولربيعة بن حزَام من امْرَأَة أُخْرَى ثَلَاثَة نفر حن ومحمودة وجلهمة بَنو ربيعَة، فَبينا قصي بن كلاب فِي أَرض قضاعة لَا ينتمي إِلَّا إِلَى ربيعَة بن حزَام إِذْ كَانَ بَينه وَبَين رجل من قضاعة شَيْء وقصي قد بلغ فَقَالَ لَهُ الْقُضَاعِي: أَلا تلْحق بنسبك وقومك فَإنَّك لست منا. فَرجع قصيّ إِلَى أمه وَقد وجد فِي نَفسه مِمَّا قَالَ لَهَا الْقُضَاعِي فَسَأَلَهَا عَمَّا قَالَ لَهُ فَقَالَت: أَنْت وَالله يَا بني خير مِنْهُ
1 / 58