وحلى وَمَا حول ذَلِك وفنيت جرهم أفناهم السَّيْف فِي تِلْكَ الْحَرْب، وشرد بَقِيَّة جرهم وَسَارُوا بهم فِي الْبِلَاد وسلط عَلَيْهِم الذَّر والرعاف، وَهلك بَقِيَّتهمْ بأضم حَتَّى كَانَ آخِرهم موتا امْرَأَة رئيت تَطوف بِالْبَيْتِ بعد خُرُوجهمْ مِنْهَا بِزَمَان فعجبوا من طولهَا وَعظم خلقتها حَتَّى قَالَ لَهَا قَائِل: أجنية أم إنسية؟ فَقَالَت: بل إنسية من جرهم، وأنشدت رجزًا فِي معنى حَدِيثهمْ، واستكبرت بَعِيرًا من رجلَيْنِ من جُهَيْنَة فاحتملاها على الْبَعِير إِلَى أَرض خَيْبَر فَلَمَّا أنزلاها بالمنزل الَّذِي سمت لَهما سألاها عَن المَاء فَأَشَارَتْ لَهما إِلَى مَوضِع المَاء فوليا عَنْهَا وَإِذا الذَّر قد تعلق بهَا حَتَّى بلغ خاشيمها وَهِي تنادي بِالْوَيْلِ وَالثُّبُور حَتَّى دخل الذَّر حلقها وَسَقَطت لوجهها وَذهب الجهينيان إِلَى المَاء فاستوطناه، فَمن هُنَالك صَار موقع جُهَيْنَة بالحجاز وَقرب الْمَدِينَة وَإِنَّمَا هم من قضاعة، وقضاعة من ريف الْعرَاق وَأقَام ثَعْلَبَة بِمَكَّة وَمَا حولهَا فِي قومه وعساكره حولاه فَأَصَابَتْهُمْ الْحمى، وَكَانُوا بِبَلَد لَا يَدْرُونَ فِيهِ بالحمى فدعوا طريفة فشكوا إِلَيْهَا الَّذِي أَصَابَهُم، فَقَالَت لَهُم: قد أصابني الَّذِي تشكون وَهُوَ مفرّق مَا بَيْننَا قَالُوا: فَمَاذَا تأمرين؟ قَالَت: من كَانَ مِنْكُم ذَا هم بعيد وَحمل شَدِيد ومزاد جَدِيد فليلحق بقصر عمان المشيد فَكَانَ أَزْد عمان، ثمَّ قَالَت: من كَانَ مِنْكُم ذَا جلد وَقصر وصبر على أزمات الدَّهْر فَعَلَيهِ بالأراك من بطن مر فَكَانَت خُزَاعَة، ثمَّ قَالَت: من كَانَ مِنْكُم يُرِيد الراسيات فِي الوحل المطعمات فِي الْمحل فليلحق بِيَثْرِب ذَات النّخل، فَكَانَت الْأَوْس والخزرج، ثمَّ قَالَت: من كَانَ مِنْكُم يُرِيد الْخمر والخمير وَالْملك والمعامير ويلبس الديباج وَالْحَرِير فليلحق
1 / 55