يُقَال لَهُ: عُمُوم فَقَالَ: يَا قوم أَبقوا على أَنفسكُم فقد رَأَيْتُمْ وسمعتم من أهلك من صدر الْأُمَم قبلكُمْ قوم هود وَصَالح وَشُعَيْب، فَلَا تَفعلُوا وتواصلوا وَلَا تستخفوا بحرم الله وَمَوْضِع بَيته، وَإِيَّاكُم وَالظُّلم والإلحاد فِيهِ، فَإِنَّهُ مَا سكنه أحد قطّ فظلك فِيهِ وألحد إِلَّا قطع الله دابرهم واستأصل شأفتهم وَبدل أرْضهَا غَيرهم حَتَّى لَا يبْقى لَهُم بَاقِيَة، فَلم يقبلُوا ذَلِك مِنْهُ وتمادوا فِي هلكة أنفسهم، ثمَّ إِن جرهمًا وقطورًا خَرجُوا سيارة من الْيمن وأجدبت عَلَيْهِم فَسَارُوا بذراريهم وأنفسهم وَأَمْوَالهمْ، وَقَالُوا: نطلب مَكَانا فِيهِ مرعى تسمن فِيهِ ماشيتنا إِن أعجبنا أَقَمْنَا فِيهِ وَإِلَّا رَجعْنَا إِلَى بِلَادنَا، فَلَمَّا قدمُوا مَكَّة وجدوا فِيهَا مَاء معينا وعضاة ملتفة من سلم وَسمر، ونباتًا أسمن مَوَاشِيهمْ وسعة من الْبِلَاد ودفئًا من الْبرد فِي الشتَاء، قَالُوا إِن هَذَا الْموضع يجمع لنا مَا نُرِيد فأقاموا مَعَ العماليق، وَكَانَ لَا يخرج من الْيمن قوم إِلَّا وَلَهُم ملك يُقيم أَمرهم، وَكَانَ ذَلِك سنة فيهم وَلَو كَانُوا نَفرا يَسِيرا، فَكَانَ مضاض بن عَمْرو ملك جرهم وَكَانَ السميدع ملك قطورًا فَنزل مضاض بن عَمْرو على مَكَّة، فَكَانَ يعشر من دَخلهَا من أَعْلَاهَا وَكَانَ حوزهم وَجه الْكَعْبَة والركن الْأسود وَالْمقَام وَمَوْضِع زَمْزَم مصعد يَمِينا وَشمَالًا وقيقعان إِلَى أَعلَى الْوَادي، وَنزل السميدع أَسْفَل مَكَّة وأجيادين وَكَانَ يعشر من دخل مَكَّة من أَسْفَلهَا، وَكَانَ حوزهم المسفلة وَظهر الْكَعْبَة والركن الْيَمَانِيّ والغربي وأجيادين فبنيا فِيهَا الْبيُوت واتسعا فِي الْمنَازل وكثروا على العماليق، فنازعتهم العماليق فمنعتهم جرهم وأخرجوهم من الْحرم كُله فَكَانُوا فِي أَطْرَافه لَا يدخلونه، فَقَالَ لَهُم صَاحبهمْ عَمْرو: ألم أقل لكم لَا تستخفوا بِحرْمَة الْحرم فغلبتموني؟ فَجعل مضاض والسميدع يقْطَعَانِ الْمنَازل لمن ورد عَلَيْهِمَا من حولهما فَوْقهمَا وكثروا وربلوا وأعجبهم الْبِلَاد، وَكَانُوا قوما عربا وَكَانَ اللِّسَان عَرَبيا، فَكَانَ إِبْرَاهِيم ﵇ يزور إِسْمَاعِيل، فَلَمَّا سمع لسانهم وإعرابهم سمع لَهُم كلَاما حسنا وَرَأى قوما عربا، وَكَانَ إِسْمَاعِيل قد أَخذ بلسانهم، فَأمر
1 / 51