Historia de La Meca
تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف
Editor
علاء إبراهيم، أيمن نصر
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
Ubicación del editor
بيروت / لبنان
ينْقد من الرُّكْن الْأسود حِين أَصَابَهُ الْحَرِيق فجعلتها لَهَا فِي حق ثمَّ قَالَ لَهَا: انظري هَذِه الْحَصَاة فَإِنَّهَا حَصَاة من الرُّكْن الْأسود فاغليها للمرضى، فَإِنِّي أَرْجُو أَن يَجْعَل الله سُبْحَانَهُ لَهُم فِيهَا الشِّفَاء فَخرجت فِي أَصْحَابهَا، فَلَمَّا خرجت من الْحرم وَنزلت فِي بعض الْمنَازل صرع أَصْحَابهَا فَلم يبْق مِنْهُم أحد إِلَّا أَخَذته الْحمى، فَقَامَتْ وصلت ودعت رَبهَا ﷿ ثمَّ التفتت إِلَيْهِم، وَقَالَت: وَيحكم انْظُرُوا مَاذَا خَرجْتُمْ بِهِ من الْحرم؟ فَمَاذَا الَّذِي أَصَابَكُم إِلَّا بذنب؟ قَالُوا: مَا نعلم خرجنَا من الْحرم بِشَيْء. قَالَ: قَالَت لَهُم: أَنا صَاحِبَة الذَّنب انْظُرُوا أمثلكم حَيَاة وحركة. قَالَ: فَقَالُوا: لَا نعلم أحدا منا أمثل من عبد الْأَعْلَى. قَالَت: فشدوا لَهُ رَحْله. فَفَعَلُوا ثمَّ دَعَتْهُ فَقَالَت: خُذ هَذِه الْحَصَاة الَّتِي فِي هَذَا الْحق، فَاذْهَبْ بهَا إِلَى أُخْتِي صَفِيَّة بنت شيبَة فَقل لَهَا: إِن الله ﵎ وضع فِي حرمه وأمنه أمرا لم يكن لأحد أَن يُخرجهُ من حَيْثُ وَضعه، فخرجنا بِهَذِهِ الْحَصَاة فأصابتنا فِيهَا بلية عَظِيمَة فصرع أَصْحَابنَا كلهم، فإياك أَن تخرجيها من حرم الله ﷿. قَالَ عبد الْأَعْلَى: فَمَا هُوَ إِلَّا أَن دخلت الْحرم فَجعلنَا نبعث رجلا رجلا. وَمِنْهَا: أَن الْكَعْبَة مُنْذُ خلقهَا الله تَعَالَى مَا خلت من الطَّائِف يطوف بهَا من جن أَو إنس أَو ملك أَو طَائِر كَمَا تقدم فِي الْفَضَائِل، وَتقدم فِيهِ قَضِيَّة الْحَيَّة الَّتِي رئيت طَائِفَة بِالْبَيْتِ، وَكَذَلِكَ الْجمل طَاف بِهِ يَوْم قتل ابْن الزبير. وَعَن أبي الطُّفَيْل قَالَ: كَانَت امْرَأَة من الْجِنّ فِي الْجَاهِلِيَّة تسكن ذَا طوى، وَكَانَ لَهَا ابْن وَلم يكن لَهَا ولد غَيره وَكَانَت تحبه حبا شَدِيدا، وَكَانَ شريفًا فِي قومه، فَتزَوج وأتى زَوجته فَلَمَّا كَانَ يَوْم سابعه قَالَ لأمه: إِنِّي أحب أَن أَطُوف بِالْكَعْبَةِ سبعا نَهَارا. قَالَت لَهُ: أَي بني إِنِّي أَخَاف عَلَيْك سُفَهَاء قُرَيْش. فَقَالَ: أَرْجُو السَّلامَة. فَأَذنت لَهُ فولى فِي صُورَة جَان، فَلَمَّا أدبر جعلت تعوذه وَتقول: أُعِيذهُ بِالْكَعْبَةِ المستورة، ودعوات ابْن أبي مَحْذُورَة، وَمَا تَلا مُحَمَّد من سُورَة، إِنِّي إِلَى حَيَاته فقيرة، وإنني بعيشه مسرورة. فَمضى الجان نَحْو الطّواف فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أقبل منقلبًا حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض دور بني سهم، عرض لَهُ شَاب من بني سهم أَحْمَر أَزْرَق أَحول أعْسر فَقتله، فثارت بِمَكَّة غبرة حَتَّى لم تَرَ الْجبَال، قَالَ أَبُو الطُّفَيْل: وبلغنا أَنه إِنَّمَا تثور تِلْكَ الغبرة عِنْد موت عَظِيم من الجان قَالَ: فَأصْبح من بني سهم موتى كَثِيرَة من قَتْلَى الْجِنّ فَكَانَ فيهم سَبْعُونَ شَيخا أصلع سوى " الشَّاب ". قَالَ: فَنَهَضت بَنو سهم وحلفاؤها ومواليها وعبيدهم فَرَكبُوا الْجبَال والشعاب بالثنية، فَمَا تركُوا حَيَّة وَلَا عقربًا وَلَا شَيْئا
1 / 174