121

Historia de La Meca

تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف

Editor

علاء إبراهيم، أيمن نصر

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م

Ubicación del editor

بيروت / لبنان

وَدم لَبَنًا خَالِصا سائغًا للشاربين ". فظهرت هَذِه السقيا الْمُبَارَكَة بَين الفرث وَالدَّم وَكَانَت تِلْكَ من دلائلها المشاكلة لمعناها. وَأما قَوْله: الْغُرَاب الأعصم: قَالَ القتبي: الأعصم من الْغرْبَان الَّذِي فِي جناحيه بَيَاض. وَاعْترض على أبي عبيد لقَوْله فِي شرح الحَدِيث: الأعصم الَّذِي فِي يَدَيْهِ بَيَاض. وَقَالَ: كَيفَ يكون للغراب يدان؟ وَأجَاب عَنهُ السُّهيْلي وَقَالَ: إِنَّمَا أَرَادَ أَبُو عبيد أَن هَذَا الْوَصْف لذوات الْأَرْبَع وَلذَلِك قَالَ: إِن هَذَا الْوَصْف فِي الْغرْبَان عَزِيز، وَكَأَنَّهُ ذهب إِلَى الَّذِي أَرَادَ ابْن قُتَيْبَة من بَيَاض الجناحين وَلَوْلَا ذَلِك لقَالَ: إِنَّه فِي الْغرْبَان محَال لَا يتَصَوَّر. قَالَ السُّهيْلي: وَفِي مُسْند ابْن أبي شيبَة من طَرِيق أبي أُمَامَة عَن النَّبِي ﷺ مَا يُغني عَن قَوْلهمَا وَفِيه الشِّفَاء، وَذَلِكَ أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله ﷺ: " الْمَرْأَة الصَّالِحَة فِي النِّسَاء كالغراب الأعصم ". قيل: يَا رَسُول الله وَمَا الْغُرَاب الأعصم؟ قَالَ: الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ بَيْضَاء ". قَالَ السُّهيْلي: فالغراب فِي التَّأْوِيل فَاسق وَهُوَ أسود، فدلت نقرته عِنْد الْكَعْبَة على نقرة الْأسود الحبشي بمعوله فِي أساس الْكَعْبَة يَهْدِمهَا فِي آخر الزَّمَان فَكَانَ نقر الْغُرَاب فِي ذَلِك الْمَكَان يُؤذن بِمَا يَفْعَله الْفَاسِق الْأسود فِي آخر الزَّمَان بقبلة الرَّحْمَن وسقيا أهل الْإِيمَان، وَذَلِكَ عِنْدَمَا يرفع الْقُرْآن وتحيا عبَادَة الْأَوْثَان، وَفِي الصَّحِيح: فِي صفة الَّذِي يخرب الْكَعْبَة أَنه أفحج. وَهَذَا ينظر إِلَى كَون الْغُرَاب أعصم إِذا تفحج تبَاعد فِي الرجلَيْن، كَمَا أَن العصم اخْتِلَاف فيهمَا وَالِاخْتِلَاف تبَاعد، وَقد عرف بِذِي السويقتين كَمَا نعت الْغُرَاب بِصفة فِي سَاقيه فَتَأَمّله، فَهَذَا من خَفِي علم التَّعْبِير؛ لِأَنَّهَا كَانَت رُؤْيا وَإِن شِئْت كَانَت من بَاب الزّجر والتوسم الصَّادِق وَالِاعْتِبَار والفكر فِي معالم حِكْمَة الله، فَهَذَا سعيد بن الْمسيب حِين حدث بِحَدِيث الْبِئْر فِي الْبُسْتَان، وَأَن رَسُول الله ﷺ قعد على قفها، ودلى رجلَيْهِ فِيهَا، ثمَّ جَاءَ أَبُو بكر فَفعل مثل ذَلِك، ثمَّ جَاءَ عمر فَفعل مثل ذَلِك ثمَّ جَاءَ عُثْمَان فانتبذ مِنْهُم نَاحيَة وَقعد حجرَة قَالَ سعيد بن الْمسيب: فأولت ذَلِك قُبُورهم اجْتمعت قُبُور الثَّلَاثَة وَانْفَرَدَ قبر عُثْمَان، وَالله تَعَالَى يَقُول: " إِن فِي ذَلِك لآيَات للمتوسمين ". فَهَذَا من التوسم والفراسة الصادقة. وَأما قَرْيَة النَّمْل: فَفِيهَا من المشاكلة والمناسبة أَيْضا أَن زَمْزَم هِيَ عين مَكَّة الَّتِي

1 / 140