وأخرج ابن عساكر عن عائشة ﵂ قالت: لما اجتمع أصحاب النبي ﷺ فكانوا ثمانية وثلاثين رجلًا، أَلَحَّ أبو بكر على رسول الله ﷺ في الظهور، فقال: يا أبا بكر، إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح على رسول الله ﷺ حتى ظهر رسول الله ﷺ وتفرق المسلمون في نواحي المسجد، كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين، وضربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا١. وسيأتي تتمة الحديث في ترجمة عمر ﵁.
وأخرج ابن عساكر عن علي ﵁ قال: لما أسلم أبو بكر أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله ﷺ.
فصل: في إنفاقه ماله على رسول الله ﷺ وأنه أجود الصحابة
قال الله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ [الليل: ١٨،١٧] إلى آخر السورة. قال ابن الجوزي: أجمعوا على أنها نزلت في أبي بكر.
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" فبكى أبو بكر، وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله؟ ٢.
وأخرج أبو يعلى من حديث عائشة ﵂ مرفوعًا مثله.
قال ابن كثير: وروى أيضًا من حديث علي، وابن عباس، وأنس، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، ﵃، وأخرجه الخطيب عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وزاد: وكان رسول الله ﵌ يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه٣.
وأخرج ابن عساكر من طرق عن عائشة ﵂ وعروة بن الزبير: أن أبا بكر ﵁ أسلم يوم أسلم وله أربعون ألف دينار -وفي لفظ: أربعون ألف درهم- فأنفقها على رسول الله ﷺ.
وأخرج أبو سعيد الأعرابي عن ابن عمر ﵄ قال: أسلم أبو بكر ﵁ يوم أسلم وفي منزله أربعون ألف درهم فخرج إلى المدينة في الهجرة وما له غير خمسة آلاف، كل ذلك ينفقه في الرقاب والعون على الإسلام. وأخرج ابن عساكر عن عائشة ﵂ أن أبا بكر أعتق سبعة كلهم يعذب في الله.
_________
١ أورده ابن كثير في البداية والنهاية "٣٠/٣".
٢ أخرجه أحمد في المسند "٢٣٥/٢".
٣ أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه "٢١/٨، ٣٦٤/١٠".
1 / 34