فصل: في اسمه ولقبه
تقدمت الإشارة إلى ذلك. قال ابن كثير: اتفقوا على أن اسمه عبد الله بن عثمان، إلا أن ما روى ابن سعد عن ابن سيرين أن اسمه عتيق، والصحيح أنه لقبه، ثم اختلف في وقت تلقيبه به وفي سببه، فقيل: لعتاقة وجهه -أي: لجماله- قاله الليث بن سعد، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهم. وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: لقدمه في الخير، وقيل: لعتاقة نسبه -أي: طهارته، إذ لم يكن في نسبه شيء يعاب به- وقيل: سمي به أولًا، ثم سمي بعبد الله. وروى الطبراني١ عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة ﵂ عن اسم أبي بكر، فقالت: عبد الله. فقال: إن الناس يقولون: عتيق. قالت: إن أبا قحافة كان له ثلاثة أولاد سماهم: عتيقًا، ومعتقًا، ومعيتقًا، وأخرج ابن مَنده، وابن عساكر عن موسى بن طلحة، قال: قلت لأبي طلحة: لِمَ سمّي أبو بكر عتيقًا؟ قال: كانت أمه لا يعيش لها ولد، فلما ولدته استقبلت به البيت، ثم قالت: اللهم إن هذا عتيق من الموت فهبه لي. وأخرج الطبراني٢ عن ابن عباس قال: إنما سمي عتيقًا لحسن وجهه. وأخرج ابن عساكر عن عائشة ﵂ قالت: اسم أبي بكر الذي سماه به أهله عبد الله، ولكن غلب عليه اسم عتيق، وفي لفظ: ولكن النبي ﷺ سماه عتيقًا. وأخرج أبو يعلى في مسنده، وابن سعد، والحاكم وصححه، عن عائشة ﵂ قالت: والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول الله ﷺ وأصحابه في الفناء والستر بيني وبينهم إذ أقبل أبو بكر، فقال النبي ﷺ: "من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر" ٣، وإن اسمه الذي سماه أهله عبد الله، فغلب عليه اسم عتيق. وأخرج الترمذي والحاكم، عن عائشة ﵂ أن أبا بكر دخل على رسول الله ﵊ فقال: "يا أبا بكر، أنت عتيق النار" ٤، فمن يومئذ سمي عتيقًا، وأخرج البزار، والطبراني بسند جيد عن عبد الله بن الزبير، قال: كان اسم أبي بكر عبد الله، فقال له رسول الله ﵊: "أنت عتيق الله من النار" فسمي عتيقًا.
وأما الصديق فقيل: كان يلقب به في الجاهلية؛ لما عرف منه من الصدق ذكره ابن مسدي.
_________
١ أخرجه الطبراني في الكبير "٦/١". وقال الهيثمي في مجمع الزوائد "٤١/٩": وفيه قيس بن أبي قيس البخاري، فإن كان ثقة فإسناده حسن، وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.
٢ أخرجه الطبراني في الكبير "٤/١".
٣ أخرجه أبو يعلى في مسنده "٤٨٩٩/٨"، وابن سعد في الطبقات "١٦٠/٢"، والحاكم في المستدرك "٦٢،٦١/٣". وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صالح ضعفوه والسند مظلم.
٤ أخرجه الترمذي "٣٦٧٩/٥"، والحاكم في المستدرك "٤١٥/٢". قال الترمذي: هذا حديث غريب. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: بل إسحاق متروك، قاله أحمد.
1 / 27