Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Géneros
مختلون عقليا في المشفى العام
وما شأن المجانين بكل هذا؟ لم يرد أي ذكر لهم؛ لا في المراسيم المتعددة، ولا في الإعلانات، ولا في اللوائح الداخلية، ولا في التقارير والمراسلات. من الواضح أنهم لم يكونوا مستهدفين. وعلى الرغم من ذلك، نجد أن وضع المختلين عقليا المعوزين هو نفسه كما كان في العصور الوسطى. ما زلنا لا نعرف أين يجب أن يوضعوا. نادرة هي المدن التي استطاعت التوصل إلى حلول بهذا الشأن، كما هي الحال في سانت أومير؛ حيث تم إيداع المجانين بداية، خلال القرن السادس عشر، في مبنى بعيد ملحق بالمشفى الرئيس ومخصص للمصابين بالطاعون. بالطبع، كان هناك فصل تام بين القسمين، بيد أن تلك الجيرة بدت صادمة بما فيه الكفاية بالنسبة إلى السلطات المحلية إلى الحد الذي أدى - في عام 1611 - إلى بناء بعض المباني على أرض مستقلة من أجل «إيواء المعاتيه والاعتناء بهم».
أتاح بناء مشفى سان جرمان في عام 1557 الفرصة - وهو ما يعد أمرا استثنائيا - أمام سلطات المدينة لإيداع عدد من الأفراد به، مثل ذلك المحكوم عليه بالإعدام الذي جرى الاعتراف أخيرا بإصابته بالجنون، ثم وضع هناك لكي «يتم تعليمه، وتقويم فكره، ورده إلى معرفة الله التي كان الفقر المدقع قد جعله يغفل عنها.» في أوائل القرن السابع عشر، ذكر جون هيروار في يومياته، وبالتحديد في تاريخ 15 أبريل 1610 (أي قبل شهر بالتمام من اغتيال الملك)، وجود مجانين في مشفى سان جرمان: «ذهب ولي العهد برفقة الملكة في تمام الساعة الرابعة والنصف لرؤية المجانين المحجوزين بمشفى سان جرمان دي بريه.» يعتقد إذن أن عددهم في تلك الفترة كان كبيرا بما يكفي ليشكل فئة خاصة. وعلى أي حال، تؤكد الدراسة التي أجراها الأب الموقر القس دو برول، الذي قضى فترة خدمته الكهنوتية في سان جرمان دي بريه، أنه في عام 1639، كان استقبال المجانين بالمشفى يجري على النحو التالي: «استقبل في المشفى المذكور العديد من النساء المريضات بداء الصرع، المسمى بداء القديس يوحنا، وغيرهن من الفقيرات المستلبات في أموالهن وعقولهن، اللاتي يتهن في الشوارع كالمجانين والمختلين عقليا، والكثير منهن استعدن - نظرا للمعاملة الجيدة - صحتهن وعقولهن.»
7
وفي الحقيقة، تميزت هذه المؤسسة، خلافا للمشفى العام، بقيامها على شيء من الدعوة الطبية، إضافة إلى تعيين طبيب وجراح كملحقين بها. لم يكن مشفى سان جرمان يشكل على وجه التدقيق جزءا من المشفى العام، وإنما كان يتبع مباشرة المكتب الكبير لفقراء باريس. في النصف الثاني من القرن السابع عشر، أطلق على تلك المنشآت اسم الدور الصغيرة، «سميت هكذا لأن ساحاتها كانت محاطة بمنازل فائقة الصغر وشديدة الانخفاض» (في الموقع الحالي لمتنزه بوسيكو). في عام 1664، كانت الدور الصغيرة تضم 500 «مسكين من العجزة»، و120 مصابا بداء السعفة، و100 «فقير مصاب بالزهري»، و80 «فقيرا مصابا بالجنون»،
8
وكانت تعمل بالتالي كمبان ملحقة بالمشفى الرئيس الذي لم يكن مجهزا للازدحام بحالات المرضى المصابين بأمراض معدية أو المضطربين. «كان المجانين يحتجزون في غرف صغيرة بالطابق الأرضي. وكان للمطيعين الحق في التحرك بحرية في الساحات.» وعلى الرغم من أن المختلين عقليا لم يكونوا يشكلون الغالبية العظمى (فقد كانت نسبتهم تتجاوز 10٪ بقليل)، فإن الدور الصغيرة أصبحت مرادفا لمشفى المجانين في ظل النظام القديم. كتب بوالو قائلا: «ليس مجنونا على الإطلاق من يقوم، لأسباب وجيهة، بإدخال جاره الدور الصغيرة.» هناك أيضا ذلك القول المأثور الحكيم: «ليس المجانين كلهم موجودين في الدور الصغيرة.»
وماذا عن المشفى العام في باريس وكبرى المؤسسات التابعة له على وجه الخصوص والمتمثلة في سالبيتريير؟ على غرار مؤسسة بيستر المخصصة للرجال، كانت مؤسسة سالبيتريير تضم نساء ينتمين إلى فئات متعددة وغير متجانسة: فتيات يتيمات أو متخلى عنهن في سن مبكرة، وفتيات حوامل (حتى إذا ما تم إيواؤهن في هذه الدار الآمنة والسرية، لا يدفعهن الخوف من الفاقة أو من العار إلى براثن اليأس أو إلى اتخاذ قرارات مخيفة تقضي بإجهاض ثمرات بطونهن)، وأزواجا مسنين، وأخيرا جميع النساء «من الأعمار كافة، وعلى اختلاف عاهاتهن، سواء كن فاقدات لصوابهن، أو مشلولات، أو مريضات بالصرع، أو كفيفات، أو عاجزات، أو هرمات، أو طاعنات في السن، أو مصابات بالتهاب العقد السلي، وغيرهن من أولئك اللائي يعانين أمراضا مستعصية.»
9
تبين هذه النبذة، التي يعود تاريخها إلى عام 1676، أن الحمقى ذكروا ضمن الفئات الأخرى من العاجزين وذوي العاهات. ولكن، متى ظهر الحمقى في سالبيتريير، وفي ظل أي ظروف؟ على الرغم من أنه لم تتم الإشارة إليهم صراحة لا في مرسوم 1656، ولا في اللائحة الداخلية للمشفى العام، فإنه يبدو أن عددهم كان - منذ الشهور الأولى لاشتغال مؤسسة سالبيتريير - كبيرا (ربما حوالي عشرين من بين إجمالي المحجوزين البالغ عددهم 700 فرد تقريبا) بما يكفي، خاصة مع اضطرابهم، لتتجلى ضرورة عزلهم على الفور في قسم منفصل. نجد هذه الحقائق مثبتة في التعداد الذي أجري للنساء المحجوزات في سالبيتريير بعد عام من إصدار مرسوم 1656؛ حيث ورد ذكر «البلهاوات » و«المخبولات» بين حوالي عشرين فئة. وقد سمح وجود «البغايا، والفاجرات والحقيرات» بين هذه الفئات، بفرض نظام للقمع. أما الأخريات، أولئك الفتيات الصغيرات اللائي ما زال بعضهن «رضيعات»، وأولئك العجائز «الهرمات»، والنساء المهجورات من قبل أزواجهن، وأولئك العاجزات والمعوقات، وأولئك المريضات بالتهاب العقد السلي والمصابات بأمراض جلدية، وأولئك الكفيفات الكثيرات؛ فأمام كل هؤلاء، كيف لنا أن ننطق بكلمة أخرى غير كلمة «المساعدة»؟
Página desconocida