Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días

Sara Rajai Yusuf d. 1450 AH
136

Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Géneros

ولقد كان الاستحمام بالمياه الباردة بالنسبة إلى هذا المريض ذي الخمسة والعشرين عاما والمحتجز منذ عام 1853، والذي كان «لا ينطق كلمة واحدة ومصابا بالخرف، فسرعان ما أصبح نظيفا متكلما عقب أخذه حماما باردا بعد بضعة أيام (من دخوله المصحة).»

47

وبالنسبة إلى هذه المريضة البالغة من العمر سبعة وثلاثين عاما، «والتي تتسبب في إحداث اضطراب ليلا ونهارا داخل المؤسسة، فكان الحمام البارد هو الوسيلة لتهدئتها وإخافتها.»

48

كان الخوف الذي يحدثه الحمام البارد في نفس هذه المريضة ذات الثلاثين ربيعا (ورأينا مفهوم المصحة عن الاستحمام) «هو الوسيلة الوحيدة لجعلها مطيعة».

وتبقى وسيلة الحجز داخل زنزانة طوال اليوم؛ وفي تلك الحالة كان يجري إظلام الزنازين أو يتم الحبس فيها ليلا؛ لأنه في انتظار وصول المسكنات كان لا بد من الحفاظ على أكبر عدد ممكن من المرضى مستغرقين في النوم. وقد يمتد العقاب بالإقامة لعدة أيام أو أكثر. ويروي المريض نفسه - الذي اشتكى من تعذيبه بالاستحمام البارد - قصة إقامته في «الزنزانة» بعد أن تشاجر مع كبير الحراس «الذي يتحكم في مصائر المقيمين هناك [...] أكثر ما يعذبني أثناء وجودي في أحد هذه الكهوف، ليس عدم وجود فراش إلا قليل من القش وغطاء خفيف، وليس فقط عدم قدرتي على رؤية شيء إلا جزء صغير من السماء عبر كوة صغيرة ضيقة يغطيها قضبان حديدية، وليس سماعي لأصوات الصراخ والعويل بجواري ليلا ونهارا في الزنازين المجاورة؛ حيث يتشاجر المرضى، لا، ليس هذا؛ إنما هي الرائحة الكريهة والمقززة التي تنبعث من الماء الآسن الذي يتجمع كل يوم والفضلات بكل أنواعها التي تتراكم من الوحوش المحبوسة هنا!»

49

في تقرير صدر عام 1874، كتب مفتشو العموم: «نفضل ترك مريض مصاب بحالة هياج يتجول في الساحة مرتديا سترة المجانين أو مكبلا بالأصفاد، عن حبسه داخل زنزانة حتى ولو كانت مبطنة.» إلا أن الزنازين لم تختف، بما فيها تلك التي تستخدم للحبس لفترات طويلة، كما يوضح هذا التقرير التفتيشي ليومي التاسع عشر والعشرين من أغسطس عام 1930 بمصحة بون سوفور. كان ذلك في منطقة الرجال، «وكانت المنطقة المخصصة للزنازين مختلطة مع تلك المخصصة للمرضى المصابين بالهياج. كانت تتكون من ثماني زنازين قديمة وعلى أدنى مستوى [...] ومن الأفضل ألا تستخدم للإقامة طوال النهار والليل، وأن تكون مخصصة فقط للحبس المؤقت خلال الليل وفي حالات الضرورة القصوى مع بعض الحالات الخاصة. ويكون من الأفضل التخلي تماما عن فكرة استخدامها. أثناء زيارتي، وجدت ثلاثا من هذه الزنازين يقيم فيها مرضى ليلا ونهارا. في إحداها، رأيت مريضا عنيفا للغاية يرقد على الفراش المصنوع من القش، كان هناك منذ سنوات، ويرفض الخروج قطعيا على حد قول الطبيب كوركيه. وسيكون من المستحيل - أيضا على حد قول الطبيب - إخراجه منها ووضعه في وسط مرضى آخرين. وفي الزنزانة المجاورة، كان هنا مريض يمزق كل فراش يقدم إليه، ولكنه جمع القش في كومة واختفى وسطها.» وفي عام 1875، ورد ذكر هذا الأمر - ولو بطريقة رمزية - ولكنه يثبت أن العديد من المرضى يقيمون بالكامل في هذه الزنازين: «يوجد مريض يسعد بإقامته هناك، حتى إنه يصنع لنفسه زيا من القش المضفر.»

50

وأقول بخجل، اكتشف المفتش العام عام 1930، وجود سلاسل من الصلب تربط بكاحل ومعصم المرضى الذين يجدون وسيلة لفك قيودهم المصنوعة من القماش أو الجلد. ويقول مدير المصحة وكبير الأطباء: إن المرضى - على الرغم من اضطرارهم للقفز - يفضلون هذه الطريقة عن الطرق الأخرى للتقييد؟ ولقد اكتشف المفتش هذا الأمر الذي ساءه كثيرا. أليست هذه - بطريقة ما - عودة لعصر السلاسل والقيود؟

Página desconocida