Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días

Sara Rajai Yusuf d. 1450 AH
131

Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

Géneros

ولقد استطاع رواييه كولار - كبير الأطباء بمصحة شارنتون والعدو الصريح للمدير دو كولمييه - استصدار أمر عام 1813 بحظر هذه العروض (وأيضا الحفلات)، إلا أنه في نهاية القرن التاسع عشر، عاد المسرح إلى مكانته القديمة في المصحات، وكانت العروض تقدم إما عن طريق ممثلين وإما يقدمها المرضى أنفسهم. في عام 1900، وقف مدير مصحة شارنتون مدافعا: «لم تعقب هذه العروض ولو حالة واحدة من الانتكاس أو نوبات ثورة. ويظهر النزلاء - بعد كل سهرة مسرحية - ليس فقط رضاهم بل ورغبتهم في المزيد. وإذا كان الأمر مختلفا، فإن الأطباء لم يصروا على عودة هذه العروض التي يعتبرها الجميع عيدا حقيقيا .»

30

وانتقد أيضا «تلك الأسطورة المبالغ فيها، تلك الأسطورة المقدسة التي ترجع إلى أكثر من قرن!» (متحدثا بالطبع عن إسكيرول). ويشير أيضا إلى سعادة «النزلاء» بهذه العروض التي تشحذ من قدراتهم على التخيل. «لا توجد مؤسسة تهتم بالترفيه مثل المشفى الوطني، الذي يتفنن في إبداع مزيد من العروض والأعياد والبرامج المختلفة.» وكأن كولمييه بعث من جديد في شارنتون.

وفي خضم هذه الخلافات، كان للموسيقى وضع خاص. ألا يتفاخر الجميع منذ العصور القديمة بالآثار الجيدة للموسيقى واللحن على النفس؟ وعلى نهج الأطباء التقليديين للأمراض العقلية، يبدأ إسكيرول بالقول إن «القدماء بالغوا في تقدير آثار الموسيقى، مثلما بالغوا في أشياء أخرى كثيرة»، ولكنه يضيف أنه يجب عدم إهمالها على الرغم من ذلك. على أي حال، فإن جميع الأطباء اتفقوا على أن الموسيقى - حتى وإن لم يكن لها آثار علاجية مؤكدة - تمتلك تأثيرا ترفيهيا وصحيا على المرضى عقليا. وكانت جميع المصحات تمتلك بالفعل فرقة ومدرسة للموسيقى، مثل مصحة بيستر؛ حيث كون ديزيريه بورنفيل (1840-1909) فرقة من البله والمختلين. وبلغ الأمر أن هناك مصحات تخصصت في هذا الأمر، مثل مصحة كاتر مار؛ حيث تتغير حال العازفين تماما أثناء العزف: «فتتبدل نظرات بعضهم من الكمد إلى الذكاء، بينما يدب آخرون بأرجلهم لتحديد الإيقاع بانتظام وقد اكتسبوا وقفة أكثر اعتدالا وحيوية؛ مما يدل على أن العقل يخضع للتأثير الرقيق للموسيقى.»

31

ومما لا شك فيه، أن الموسيقى والدين يتماشيان على الوجه الأكمل، على حد ذكر تقرير عام 1874: إن وجود الكنائس في المصحات لا يهدف فقط إلى ممارسة المرضى للعبادة (فرأينا مدى الحرص في السماح للمرضى بهذه الممارسة)؛ وإنما لأن ممارسة العبادة، خاصة بمصاحبة الموسيقى والترتيل، لها أثر نافع لعدد من المرضى. وبالتالي، تمتلك الكنائس مكانا للموسيقى في معظم المستشفيات.

الساحات

ولكن من هم هؤلاء المرضى عقليا؟ سيحين قريبا وقت دراستهم من الناحية الطبية (ففي النهاية، هذا هو سبب احتجازهم في مصحات الأمراض العقلية)، ولكن لنلاحظ أولا كيف يبدون داخل المصحة. على غرار بول كلي - صاحب عبارة أن الفن لا يعيد إنتاج ما هو مرئي وإنما يجعله مرئيا بالفعل - استطاع قليل من الكتاب أن يجعلوا من المرضى في المصحات العقلية أمرا مرئيا. فقد استيقظ، يوم السبت الرابع من أكتوبر 1856، جول باربي دورفيلي مبكرا؛ لأن الدكتور فاستيل - كبير الأطباء بمصحة بون سوفور - «سيريه بعض المجانين»، وعلى وجه الخصوص الفارس دي توش، ويريد دورفيلي كتابة قصة حياته. اجتاز باري ساحات المناطق المختلفة المخصصة للرجال: «كما أنه في الواقع الإنساني، تكون العواطف الكبرى نادرة، فإن حالات الجنون العنيف هي الأقل شيوعا بين مرضى المصحات العقلية. كان أكثر ما صدمني، بل واخترقني وترك في نفسي انطباعا لا ينسى، هم المجانين التعساء. كان هناك الكثيرون منهم بين المرضى الآخرين البله الذين لا يكفون عن الثرثرة والابتهاج، وكانت لديهم حالة من اليأس والضعف والكآبة ذكرتني ببعض الأبيات التي كتبها دانتي في «الجحيم»، من بين كل الأشياء الحزينة، لم أر من قبل ما هو أكثر حزنا من ذلك. كانت أوضاعهم غريبة جديرة بأن يدرسها نحات! وكأنهم عمدان أو أضرحة! كل هذا يلتحف بطابع أسميه - دون أن أقترب من التعبير بالفعل عما رأيته - حدة الألم التي تتخطى الإنسانية. إنها بالفعل تتخطى الإنسانية؛ لأن الإنسانية قابعة في نطاق الذكاء والإشراق. ما أعجب هذه الجبهات المنحنية والأعناق الممدودة على الصدور، والأيدي المتشابكة فوق الرءوس، وطرق الجلوس على الأرض أو الالتصاق بالجدار أو إخفاء الوجه بين الكفين أو الركبتين! [...] في النهاية، رأيت البطل الذي أريده، الذي أتيت خصيصى إلى المصحة لمقابلته. كان جالسا على مقعد حجري أسفل رواق المعرض الذي يضفي على المصحة طابع السجون القديمة. جاءه الطبيب وناداه باسمه، فنهض من مكانه وحيانا بأدب جم، وأراد الطبيب - الذي استمر في محادثته - أن يبين لي ماذا أصبحت حال هذا العقل الذي أطاحت به طلقات الرصاص، والذي تساوي لديه الآن طلقة واحدة ما هو أفضل من الحياة. كان دي توش فاقدا للعقل تماما، ولكنه كان من القوة البدنية أبعد ما يكون عن البلاهة [...] تركناه وهو يهلوس، ولكن بعبارات منتقاة، بسيطة وصحيحة، وكأن التربية القديمة تفرض لغتها حتى على الجنون. تركنا بأدب، مثلما استقبلنا، عاد إلى مقعده أسفل القنطرة الحجرية. عدت لرؤيته مرة أخيرة، كان هادئا، وإن زادت سرعة تنفسه، كانت عيناه - الزرقاوا اللون مثل البحر الذي طالما تأمله في فترات الهدوء والعاصفة والضباب - مثبتتين في شرود على أسوار الحديقة المزينة بالورد الأحمر، وإن لم يبد عليه أنه كان يراه أصلا! [...] ومن أكثر المشاهد المؤثرة التي عدت بها من هذه الزيارة - وهي من أكثر ما أثارني - كانت هيئة كاهن شاب وحالته وجنونه الهادئ غير الملحوظ، كان يبدو كأنه يحلم، وليس كمن هو مصاب بالجنون، مستندا إلى الحائط في الحديقة حيث الشمس فقط. كان الجو به غيوم - كما أحبه بالضبط - وكان يتماشى مع زهور الحديقة ومع هذا الشخص الهادئ. كان طويلا وكان لونه أبيض شاحبا مرتديا طاقية من المخمل الأسود، وكان في حالة من الاستسلام والتيه، وإن بدا عليه التفكير ... ولكن يفكر في ماذا؟ كان هذا هو الكاهن إم ... لم أرد أن أسأل الطبيب عن جنون هذا الكاهن الشاعر الذي يبتسم للحائط. كان يمسك بكتاب صلواته بجانبه بيده البيضاء النحيفة المليئة بالعروق الزرقاء الضعيفة [...] بدا لي وكأن الملاك الحارس لهذا الكاهن واقف على الناحية الأخرى من المقعد، ينظر إليه بعينين ملائكيتين دامعتين.»

32

وفي سجل آخر، يبين الدكتور سيلين: «كانت المصحة تسمى في المكاتبات «دار الشفاء» بسبب الحديقة الكبيرة التي تحيط به؛ حيث يتنزه المرضى خلال الأيام ذات الجو الجميل. كانوا يتجولون هناك ويبدو عليهم أنهم يحافظون بصعوبة غريبة على توازن رءوسهم، كمن يخشى باستمرار سكب محتوياتها إذا سقطت. وداخل هذه الرءوس كانت تتصادم كافة الأشياء الغريبة والشاذة التي يتمسكون بها بضراوة [...] ولم تكن إمبراطورية بأكملها قادرة على نزع هذه الأفكار من عقولهم. فالشخص المجنون هو شخص له ذات أفكار الشخص العادي ولكنها حبيسة رأسه [...] في بعض نوافذ قاعات الطعام التي تطل على الشارع، كان بعض المجانين يصرخون أحيانا أو يثيرون المحيطين بهم، إلا أن الفزع الأكبر كان يبقى قابعا في الداخل. كانوا ينشغلون به ، ويحتفظون به في مواجهة كافة المحاولات العلاجية. كانت هذه المقاومة هي شغفهم» (رحلة حتى نهاية الليل).

Página desconocida