Historia de la Locura: Desde la Antigüedad hasta Nuestros Días
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
Géneros
الفصل الأول
رب وأرباب
كان اليونانيون القدماء هم أول من اهتم بدراسة الجنون؛ أي مرض الروح، لكن هل يعني هذا أنه قبل ذلك الوقت لم يتطرق أحد إلى هذا الموضوع؟ نحن لا نقصد بالتأكيد الجنون بمعناه النظري، حتى وإن كان غياب المصادر يجعلنا نتغاضى بعض الشيء عن مثل هذا القول. إنما نقصد المجانين بالطبع. هل هناك حضارات أو مجتمعات، حتى الأولى منها، دون مجانين؟ نراهن أن الإجابة ستكون بالنفي.
جنون وآلهة
في الحقيقة، وحتى لا نستعرض إلا الحضارات التي سبقت اليونان وأثرت فيها، لا بد من البحث عنهم والعثور عليهم؛ أولئك المجانين، الذين سبق أن ضبطوا في أثناء تلقيهم للعلاج. ومع ذلك، نراهم هناك، ببساطة هناك. نجدهم في المعابد التي شيدت لغرض طبي في الحضارة البابلية وفي مصر القديمة، كما في معبد ممفيس على سبيل المثال، والذي كان يعد مدرسة للطب ومشفى في الوقت نفسه. من بين أولئك الذين كانوا يتوافدون على هذه المعابد طلبا للشفاء، نجد المجانين الذين كانوا ينتظرون دورهم لحدوث معجزة معهم من خلال ممارسة بعض الطقوس. وسط أجواء من الشعائر الدينية، كانت هناك ممارسات كالصوم والاغتسال والتطهر والدهن بالمسحة المقدسة تسبق الدخول إلى المعبد، أحيانا ببضعة أيام، للمبيت فيه ليلة. في اليوم التالي ل «نوم حضانة المرض»، والذي يمكن أن يصاحبه تناول بعض العقاقير، كان المريض يقص أحلامه على «الكهنة الأطباء»، الذين كانوا بدورهم يقومون بتفسيرها للحصول على وصفات العلاج والأدوية والأنظمة الغذائية، والتي كان الإله بنفسه هو من يمليها على المريض في بعض الأحيان عن طريق الأحلام. ويمكن الافتراض بأن الحالات المرضية للرجال والنساء التي لا أمل في شفائها لم يكن يسمح لها بدخول المعبد؛ حيث كانت سمعة المكان والإله على المحك. على أي حال، كان هذا الطب الكهنوتي ملائما تماما للجنون.
أما المصريون، فقد كانوا يعتقدون أن مركز كل شيء هو «القلب»؛ فهو مقر «الهروب» و«النسيان»، وأن الجنون يصيب المرء حينما تسكن قلبه قوة إلهية (في إشارة إلى الشيطان) ولا يصبح بعدها مسئولا عن أفعاله. وحينما يعثر الإنسان على «قلبه» فإنه يستعيد في الوقت نفسه عقله. وقد ظلت هذه الفكرة عن المجنون المغيب سائدة لوقت طويل، ثم عاودت الظهور خاصة مع نشأة الطب النفسي، في أوائل القرن التاسع عشر، مع ظهور مفهوم الاغتراب (وهي كلمة مشتقة من الأصل
alienare
وتعني أن يكون الإنسان شخصا آخر غريبا)، ليس فقط غريبا عن الآخرين وإنما أيضا غريب عن نفسه.
في الطب البابلي، كان هناك اعتقاد بأن لكل مرض شيطانا مسئولا عنه؛ ومن ثم فإن الروح الشريرة التي تسبب مرض الجنون كانت تدعى إيديتا. في النصوص المسمارية الطبية،
1
Página desconocida