Historia Económica Mundial: Una Introducción Muy Corta
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
اليابان
كانت أهداف السياسة اليابانية قبل الحرب العالمية الثانية تتلخص في شعار «دولة غنية وجيش قوي»، وقد أدت هزيمة اليابان في الحرب إلى رفض «الجيش القوي»، لكنها سعت لتحقيق الجزء الأول من الشعار أي «الدولة الغنية» بتفان أكثر من ذي قبل. كانت اليابان في حاجة إلى دفعة قوية لسد فجوة الدخل مع الغرب، وكان المشروع الاقتصادي الياباني في غاية النجاح؛ فقد ارتفع الدخل لكل فرد بمعدل 5,9٪ سنويا بين عامي 1950 و1990، فيما بلغت ذروة النمو نسبة 8٪ بين عامي 1953 و1973. بحلول عام 1990، حققت اليابان نفس مستويات المعيشة لدول أوروبا الغربية.
حققت اليابان هذه الطفرة من خلال اعتماد سياسة معاكسة لسياسة التكنولوجيا التي اتبعتها إبان عصر ميجي والعصر الاستعماري، فبدلا من تكييف التكنولوجيا الحديثة بما يتلاءم مع أسعار عناصر الإنتاج، لجأت اليابان إلى استخدام أحدث التكنولوجيات وأكثرها كثافة في رأس المال على نطاق واسع. بلغ معدل الاستثمار نحو ثلث الدخل القومي في سبعينيات القرن العشرين. ارتفع إجمالي رأس المال بصورة سريعة للغاية؛ مما أدى إلى ظهور اقتصاد عالي الأجور خلال جيل واحد. وهكذا، ضبطت أسعار عناصر الإنتاج وفقا للبيئة التكنولوجية الجديدة، وليس العكس.
تطلب التصنيع الياباني في مرحلة ما بعد الحرب التخطيط، والذي اضطلعت فيه وزارة التجارة الدولية والصناعة بدور البطولة. وقد استخدمت الأدوات السياسية التي طورتها اليابان خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين لتسريع معدلات النمو.
ركزت وزارة التجارة الدولية والصناعة على نوعين من المشكلات. تتعلق المشكلة الأولى بحجم الإنتاج، وهي المشكلة التي أدت إلى فشل سياسة إحلال الواردات بالتصنيع في أمريكا اللاتينية. كان الصلب أحد أكثر الصناعات نجاحا في اليابان، فارتفع الإنتاج من 2,4 مليون طن في عام 1932 إلى أقصى حجم له عند مستوى 7,7 ملايين طن في عام 1943، ثم انخفض إلى 0,5 مليون طن في عام 1945، ثم عاد إلى 4,8 ملايين طن في عام 1950. تتمثل إحدى السمات الأساسية في إنتاج الصلب في انخفاض تكاليف الإنتاج إلى حدودها الدنيا في المصانع الكبيرة الحجم الكثيفة رأس المال. في عام 1950، وصل الحجم الأدنى للإنتاج الفعال إلى 1-2,5 مليون طن. كانت معظم المصانع الأمريكية أكبر من مثيلاتها اليابانية، فلم يضاهها إلا مصنع ياباني واحد (ياواتا الذي بلغت قدرته الإنتاجية 1,8 مليون طن)، أما باقي المصانع اليابانية، فكانت تنتج نصف مليون طن أو أقل من الصلب؛ نتيجة لذلك، كان الصلب الياباني أغلى من نظيره الأمريكي أو الأوروبي بنسبة 50٪ على الأقل، على الرغم من انخفاض الأجور في اليابان. تمثل هدف وزارة التجارة الدولية والصناعة في خمسينيات القرن العشرين في إعادة هيكلة الصناعة اليابانية، بحيث يجري إنتاج الصلب في مصانع تحقق الحجم الأدنى للإنتاج الفعال، وكان مصدر قوة وزارة التجارة الدولية والصناعة يتمثل في سيطرتها على النظام المصرفي، وسلطتها في توفير العملات الأجنبية التي كانت ضرورية لاستيراد فحم الكوك والحديد الخام. بحلول عام 1960، زادت قدرة الإنتاج اليابانية لتبلغ 22 مليون طن من خلال مصانع ضخمة حديثة. بعد عام 1960، اتخذ إشراف وزارة التجارة الدولية والصناعة على عملية التنمية الصناعية صورة أقل مباشرة، فاستمر التوسع الصناعي من خلال إنشاء مصانع جديدة في مواقع جديدة. كانت هذه المصانع جميعها تحقق الحجم الأدنى للإنتاج الفعال الذي ارتفع آنذاك إلى حوالي 7 ملايين طن. في المقابل، كانت معظم قدرة الولايات المتحدة الإنتاجية تتركز في مصانع قديمة لا تبلغ الحجم الأدنى للإنتاج الفعال، كما كانت المصانع اليابانية أكثر تطورا من الناحية التكنولوجية أيضا. كان 83٪ من الصلب الذي تنتجه اليابان خلال منتصف سبعينيات القرن العشرين يصهر في أفران أكسجين أساسية في مقابل 62٪ في الولايات المتحدة، وكانت نسبة 35٪ تصب في اليابان باستمرار في مقابل 11٪ في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في الأجور، ظلت اليابان أقل دول العالم تكلفة في إنتاج الصلب؛ نظرا لالتزامها باستخدام التكنولوجيا الحديثة كثيفة رأس المال. كانت اليابان تنتج أكثر من 100 مليون طن في عام 1975.
من كان سيشتري كل هذا الصلب؟ كانت صناعات بناء السفن، والسيارات، والماكينات، والإنشاءات أكبر العملاء المحليين، وكان على هذه الصناعات أن تتوسع بمحاذاة صناعة الصلب؛ ومن ثم كان ضمان تحقيق ذلك يمثل مشكلة تخطيط أخرى، فكان من الضروري تحديد طبيعة التكنولوجيا التي تستخدمها هذه الصناعات، كما جرى اعتماد منهج المصانع الضخمة الحجم الكثيفة رأس المال في هذه الصناعات مثلما حدث مع صناعة الصلب. في حالة صناعة السيارات - على سبيل المثال - كان نصيب الشركات اليابانية من رأس المال لكل عامل أكبر من نظيره في الشركات الأمريكية، وكان رأس المال الياباني أكثر كفاءة أيضا في استثماره؛ إذ إن مبدأ الإنتاج الآني كان يعني اشتمال الإنتاج على قدر أقل من المكونات غير المكتملة، بالإضافة إلى ذلك، كان نطاق الإنتاج في اليابان أكبر حجما. في خمسينيات القرن العشرين، اقترب الحجم الأدنى للإنتاج الفعال لمصانع التجميع من 200 ألف سيارة سنويا، وكانت شركات فورد وكرايسلر وجنرال موتورز تنتج ما بين 150 ألف و200 ألف سيارة لكل مصنع سنويا. في ستينيات القرن العشرين، دمجت مصانع سيارات يابانية جديدة خطوط تجميع متعددة وعمليات كبس في الموقع؛ وذلك لرفع الحجم الأدنى للإنتاج الفعال إلى أكثر من 400 ألف وحدة سنويا. كانت جميع شركات تصنيع السيارات اليابانية تنتج عند ذلك المستوى، بل وتمكنت الشركات الأكثر كفاءة - مثل هوندا وتويوتا - من إنتاج 800 ألف سيارة لكل مصنع سنويا. وقد أدى انتقال اليابان إلى استخدام أساليب الإنتاج الكثيفة رأس المال إلى نشأة أكثر الصناعات كفاءة في العالم، وهي صناعة قادرة على تقديم منتجاتها بأسعار تنافسية، وكذلك دفع أجور مرتفعة للعاملين فيها.
تمثلت المشكلة الثالثة في التخطيط في ضمان زيادة طلب الاستهلاك في اليابان لشراء المنتجات الاستهلاكية المعمرة. ساهمت مؤسسات العلاقات الصناعية اليابانية المتميزة في تحقيق ذلك؛ فالشركات الكبيرة ، واتحادات الشركات، وأجور الخدمة الطويلة، والتوظيف مدى الحياة، كل هذا يعني أن الشركات الناجحة كانت تشارك موظفيها في بعض فوائض أرباحها. وعلى أية حال، وفرت الشركات الصغيرة كذلك وظائف عديدة في اليابان، وفي خمسينيات القرن العشرين (مثلما كان الحال في الفترة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية) كانت هذه الشركات تدفع أجورا منخفضة. خلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، أدى التوسع الصناعي الهائل إلى إنهاء فائض العمالة، واختفى الاقتصاد المزدوج، مع ارتفاع الأجور في قطاع الشركات الصغيرة بسرعة. أدى ارتفاع الدخول الناشئ عن التوسع في توفير فرص العمل إلى ثورة في نمط الحياة؛ إذ أقدم اليابانيون على شراء الثلاجات والسيارات التي جرى تصنيعها بفضل التوسع في توفير الصلب. لم يقتصر الأمر على امتلاك اليابانيين لمزيد من الأجهزة، بل صار طعامهم أفضل وصاروا أكثر طولا. في عام 1891، كان متوسط طول الفرد المجند في الجيش 157 سنتيمترا، فيما وصل طول نظيره في عام 1976 إلى 168 سنتيمترا. لقد أثبت الإنفاق الاستهلاكي في اليابان صحة قرارات التوسع في بناء القدرة الإنتاجية وزيادة الأجور، بحيث صار استخدام التكنولوجيا الكثيفة رأس المال ملائما، وذلك بعد تطبيق القرارات، إن لم يكن قبلها.
تعلقت المشكلة الأخيرة في التخطيط بالأسواق الدولية، وقد كان لهذه المشكلة تداعيات تجاوزت سلطات وزارة التجارة الدولية والصناعة. في منتصف سبعينيات القرن العشرين، كانت صناعة الصلب اليابانية تصدر ما يقرب من ثلث إنتاجها - إلى الولايات المتحدة بصفة أساسية - وكانت تصدر نسبا مماثلة من السيارات والسلع الاستهلاكية المعمرة إلى الولايات المتحدة أيضا، وقد انهار إنتاج الصلب والسيارات في الولايات المتحدة تحت وطأة المنافسة اليابانية، وبالفعل كان أفول نجم الحزام الصناعي الأمريكي مكافئا لمعجزة اليابان الاقتصادية . كان بإمكان الولايات المتحدة بسهولة منع الواردات اليابانية من خلال مواصلة سياسة فرض التعريفات المرتفعة التي كانت تفرضها منذ عام 1816، وقد جرى التفاوض على فرض «قيود التصدير الطوعية»، لكنها كانت مجرد إجراءات مؤقتة، بدلا من ذلك، قررت الولايات المتحدة خفض التعريفات الجمركية فقط في حال قامت الدول الأخرى بالمثل (تحرير التجارة متعدد الأطراف). يرجع أحد أسباب ذلك إلى بروز الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية كأكثر اقتصادات العالم تنافسية؛ لذا بدا التوسع في فرصها التصديرية أكثر فائدة من حماية سوقها المحلي بلا ضرورة، ولكن شكك نجاح الصادرات اليابانية في صحة هذا الافتراض. لكن اليابان كانت قد رسخت مكانتها بصفتها حائط الصد للولايات المتحدة الأمريكية ضد الشيوعية في شرق آسيا، كما حافظ موقعها الجيوسياسي المهم على خياراتها التجارية.
لم يكن من الممكن أن يدوم عصر النمو السريع إلى الأبد، وعادة ما يرجع تاريخ انتهاء فترة الازدهار الكبير في اليابان إلى انهيار سوق العقارات وفقاعة الأسهم في عام 1991، وهو ما أفضى إلى عصر الانكماش، ولكن كان سبب ذلك أكثر عمقا، حيث تمثل في غياب الظروف التي مهدت الطرق أمام النمو السريع في المقام الأول. حققت اليابان نموا سريعا من خلال سد ثلاث فجوات مع الغرب: رأس المال لكل عامل، ومستوى التعليم لكل عامل، وحجم الإنتاجية. وقد تحقق ذلك بحلول عام 1990، وصارت اليابان حينها كأي دولة متقدمة؛ أي يمكنها تحقيق نمو بالسرعة نفسها التي تتطور بها التكنولوجيا - أي واحد أو اثنين بالمائة سنويا. ومن ثم، كان تباطؤ النمو ما بعد عام 1990 حتميا.
الصين
Página desconocida