Historia de la Primera Guerra de los Balcanes: Entre el Imperio Otomano y la Liga Balcánica formada por Bulgaria, Serbia, Grecia y Montenegro
تاريخ حرب البلقان الأولى: بين الدولة العلية والاتحاد البلقاني المؤلف من البلغار والصرب واليونان والجبل الأسود
Géneros
رأى المطالع فيما تقدم أن شوكت باشا وغيره من كبار الاتحاديين لم يحضروا الجمعية الوطنية؛ لأنهم كانوا ينوون الإيقاع بوزارة كامل باشا حين تعلم الأمة أنها قررت التنازل عن أدرنه، ولقد وقع أن تلك الوزارة قررت فعلا أن تترك أدرنه بشرط أن تبقى لها صفتها الإسلامية وتنال شبه استقلال إداري.
وبينما كان مجلس وكلاء الدولة مهتما في 23 يناير بدرس الجواب العثماني على مذكرة الدول التي تقدم ذكرها، هجم جماعة من الاتحاديين على الباب العالي، فحاول أحد الضباط منعهم فقتلوه. ولما سمع ناظم باشا وزير الحربية والقائد العام دوي العيار الناري خرج وانتهرهم فقتلوه أيضا، وهنا نترك الكلام لكامل باشا نفسه قال:
1
فاضطر حينئذ بقية الوكلاء إلى دخول غرفة أخرى لينتظروا ما يكون، أما أنا فقد لبثت في غرفة الصدارة ومعي باشكاتب المابين الذي حمل إلي بعض إرادات سنية، وعلمت أن الثائرين ملئوا الباب العالي وأنهم قتلوا أيضا ستة من الياورية والحجاب الذين كانوا يحافظون على الوكلاء، وأن اثنين من الثائرين أنفسهم قتلا. ثم دخل علي جماعة من الضباط لا أعرفهم، ومعهم أشخاص بملابس ملكية فاقترب مني ضابط جسور وقال: «إن الخواطر هائجة هياجا عظيما خارج الباب العالي، وأنه يجدر بي أن أكتب استقالتي»، فخطر لي أني إذا ترددت في أمر الاستقالة تجاسر هؤلاء على الإيقاع بي ليتسنى لهم احتلال مقام الصدارة، فكتبت عريضة ورفعتها إلى جلالة السلطان ملتمسا منه إقالتي من منصب الصدارة. ولم تمض ساعة حتى جاءني رئيس قرناء الحضرة السلطانية وأبلغني كدر جلالته من الحادثة، ورجا مني أن لا أترك منصبي قبل ظهور النتيجة، فامتثلت.
عزت باشا الذي تولى القيادة العامة بعد مقتل ناظم باشا.
وكان الاتحاديون يدخلون ويخرجون في تلك الأثناء، وجاءني أنور بك فأكد لي أنه كان في تمرين العسكر وما علم بالواقعة إلا في الطريق، وبعد حين صدرت الإرادة السلطانية بتعيين محمود شوكت باشا صدرا أعظم فاجتمع بي وفاوضني في الحالة العامة، وما تمكنت من مغادرة الباب العالي إلا بعد نصف الليل بثلاث ساعات، وكان البرد شديدا قارسا، فأثر في صحتي وأصابتني حمى شديدة.
البرنس سعيد حليم باشا الذي عين وزيرا للخارجية بعد سقوط وزارة كامل باشا.
الباب العالي.
وذكر كامل باشا أن جثة ناظم باشا وجثث بقية القتلى باتت مطروحة ذاك الليل، ثم دفنت في اليوم التالي، وقد كان لمقتل ناظم باشا وقع شديد في نفوس خصوم الاتحاديين، واتهموهم بقتله عمدا، وقالوا: إنه لو لم يكن قتله مقصودا لأظهرت الوزارة الاتحادية قاتله وأنزلت به عقابا أليما، أما الاتحاديون فينكرون ضربه عمدا. •••
ولما صارت مقاليد الأمور إلى أيدي الاتحاديين، وطير البرق خبر ذاك الحادث إلى أنحاء أوروبا، وأذاعت صحف العالمين أن حجتهم في إسقاط الوزارة الكاملية إنما هي رغبتها في تسليم أدرنه، أخذ المندوبون البلقانيون في مؤتمر الصلح يقولون: إن المفاوضة أصبحت ضربا من العبث مع وزارة شوكت باشا، وأعلنوا العزم على قطع المفاوضات واستئناف الحرب، وكانت الدول العظمى من جهة أخرى تنتظر من وزارة شوكت باشا جوابا على المذكرة التي بعثت بها في عهد وزارة كامل باشا. وبعد أيام قليلة أرسل الأمير سعيد باشا حليم الذي عين وزيرا للخارجية جوابا إلى الدول قال فيه: «إن الحكومة العثمانية تطلب قسمة أدرنه إلى قسمين: قسم يأخذه البلغار وهو الذي يشتمل على الحصون والمعاقل، وقسم يبقى لتركيا وهو المشتمل على المساجد والقبور السلطانية.»
Página desconocida