Historia de Hama
تاريخ حماة
Géneros
وفي سنة 509 أرسل السلطان محمد بن ملكشاه عسكرا لمحاربة طغتكين صاحب دمشق فكان طريقهم على حماة فخيموا حولها، وحاصروها غير أن مدة الحصار لم تطل ففتحوها عنوة، وأباحوا نهب أموالها ثلاثة أيام فنهبت، ثم سلموها إلى الأمير «قيرخان» بن قراجا صاحب حمص. واستقامت العساكر في حماة مدة ثم سارت منها إلى فتح كفرطاب والمعرة، فولى قيرخان - المذكور - على حماة ابنه الأمير محمود وكان لا يعرف من العدل والإنصاف شيئا فسام الناس خسفا وظلما. وفي 517 سار بعسكره إلى قلعة فامية
1
ليفتحها فهاجمها، فرمي بسهم من القلعة في يده فجرح فعاد إلى حماة، وعملت له جراحة فلم يبرأ وبعد مدة توفي ففرح الحمويون بموته، فلما سمع طغتكين ملك دمشق أرسل إلى حماة عسكرا فهاجموها واستلموا قلعتها فصارت من جملة بلاد طغتكين. ثم ملكها البرسقي التركي بن آقسنقر وبقي مدة ثم صارت لابنه مسعود، وبعد ذلك استردها توري بن طغتكين فولى عليها ابنه المسمى سونج بن توري بن طغتكين.
وفي سنة 523 سار عماد الدين زنكي بن آقسنقر من الموصل وعبر الفرات، وكتب إلى توري ملك دمشق أن يمده بالجنود لمحاربة الفرنج، فكتب توري لولده سونج صاحب حماة أن يسير معه بعسكره، فجهز عسكر حماة ورحل إلى حلب وخيم بظاهرها، فغدر به عماد الدين زنكي وقبض عليه ونهب خيامه وعساكره وأرزاق مقدميهم، ورحل من وقته إلى حماة فتسلمها بلا حرب لخلوها من الجند، ثم سار منها إلى حمص محاربا فحاصرها ولم يقدر على فتحها فرجع، وأبقى أمير حماة معتقلا عنده ثم أطلقه وأرسله إلى أبيه، وظلت حماة في ملك عماد الدين إلى سنة 527. وفي هذه السنة سار إسمعيل بن توري بن طغتكين ملك دمشق إلى حماة فحاصرها يوم عيد الفطر فجرى بينه وبين العساكر الحموية حرب ضروس، ولم يقدر أن يفتحها في ذلك اليوم، فلما كان الغد بكر إليها وزحف من جميع أبوابها وجوانبها وضيق الحصار، فطلب أهلها الأمان فأمنهم، وبقيت القلعة محاصرة غير أنها لم تكن في ذاك الحين حصينة ففتحها رغما واستولى على ما بها من سلاح وذخائر، ثم سار إلى شيزر ففتحها. ثم عاد إليها زنكي فاسترجعها، وظلت في يده إلى سنة 541 حين وفاته، فملكها بعده ابنه نور الدين محمود الملقب بنور الدين الشهيد رحمه الله.
وفي سنة 552 في شهر رجب اهتزت أرض حماة بالزلزال المزعج فخربت وتهدمت أسوار قلعتها. قال أبو الفداء: ويكفي أن معلم كتاب كان بمدينة حماة فارق المكتب وجاءت الزلزلة فسقط المكتب على الصبيان جميعهم، قال المعلم: فلم يحضر أحد يسأل عن صبي كان له هناك. وخربت شيزر أيضا حتى إن ملكها كان قد ختن ولده وعمل دعوة للناس وأحضر جميع أقربائه بني منقذ فاجتمعوا في داره فجاءت الهزة فسقطت الدار والقلعة عليهم فهلكوا عن آخرهم. وكان لصاحب شيزر حصان مربوط على باب الدار فلما جاءت الزلزلة وقتل الناس تحت الردم نجى من بني منقذ رجل واحد خرج هاربا فرفسه الحصان فقتله.
قام نور الدين رحمه الله المقام المرضي في ذلك الزمن؛ فإنه مع اشتغاله بالحروب العظيمة تدارك حماة بإعادتها كما كانت فبنى أسوارها، وأعاد قلعتها فتراجع إليها الناس، وبنى جامعه المعروف وبجانبه المارستان ووقف لهما أوقافا طائلة، وبنى غير ذلك من المساجد - وسيأتي ذكره - ثم بنى أسوار دمشق وحمص وشيزر وبعلبك وحلب وكلها كانت قد خربتها الزلزلة المذكورة. وفي سنة 569 توفي نور الدين رحمه الله فدخلت حماة في حوزة ابنه الملك الصالح إسماعيل. وفي سنة 570 في غرة ربيع الثاني ملك البلاد الشامية والمصرية السلطان صلاح الدين الأيوبي فكانت حماة في جملة ما ملك، وولى عليها خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي، وأمره بتهيئة العساكر لمحاربة الملك الصالح إسماعيل وأعمامه الذين ساروا من الموصل وحلب لمحاربة صلاح الدين كي يسترجعوا ملك نور الدين لابنه الملك الصالح، فتوجهت عساكر حماة مع صلاح الدين فالتقى الجمعان عند قرون حماة،
2
فهزمهم صلاح الدين وتبعهم منهزمين فطلبوا الصلح، فصالحهم على أن تبقى بيده الشام وتوابعها وأن تكون حلب للملك الصالح. ثم سار صلاح الدين إلى مصياف،
3
وكان الإسماعيليون يقصدون قتله - وقد طعنه أحدهم فلم يصب منه مقتلا - فسار لحربهم، وفي مسيره خرب قلاعهم وأحرقها، فلما قرب من مصياف كتب صاحبها إلى صاحب حماة خال صلاح الدين أن يتوسط بالصلح ففعل، وكتب لابن أخته أن يصفح عنهم ففعل ورحل عنهم إلى مصر.
Página desconocida