Historia de las invasiones árabes en Francia, Suiza, Italia y las islas del Mediterráneo
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Géneros
قد أوهم شارلمان أنه يريد الدخول في طاعته، ولكن عندما حضر الفرنسيس أمام بلدته امتنع من قبولهم وقلب ظهر المجن فأجمع لويس ملك أكيتانيا بالاتفاق مع غليوم كونت طلوزة، وبرأي مجمع مؤلف من أمراء تلك البلاد أن يستولى على برشلونة في أول فرصة، وكان شارلمان يومئذ في رومة مشغولا بقضية تتويجه إمبراطورا على الغرب.
وكانت برشلونة كما قال الشاعر «أرلمولدوس نيجلوس»: قد أصبحت للمسلمين معقلا متينا، وكانت تصدر عنها فرسان تلك الخيل المشهورة بخفة الحركات، فتبث الغارات في بلاد النصارى وتعود أيديها ملأى بالغنائم، وكانت من المنعة بحيث إن الفرنسيس لبثوا سنتين يحصرونها ويضيقون عليها، ويكتسحون نواحيها، ولكنهم لم يقدروا على دخولها، وقد قسم الفرنج جيشهم إلى ثلاثة أقسام: قسم منهم كان يهاجم برشلونة، وقسم ثان يقوده غليوم كونت طلوزة كان يرابط في الممر الذي تفيض منه جيوش المسلمين الآتية من قرطبة لنجدة برشلونة، وقسم ثالث كان يقوده الملك لويس نفسه، وكان في أعالي جبال البيرانه، يحمل على المسلمين حيث وجد الفرصة ملائمة.
وكان الإفرنج قد تقاسموا أعمال الحصار، فمنهم من كان مشغولا بوضع السلالم ومنهم من كان يجلب الميرة والعدة، ومنهم من كان موكولا إليه الحفر والنقب، ومنهم من كان موكولا إليه غير ذلك، فاشتد الحصار شدة غير معهودة، وجاءت جيوش المسلمين فلم تقدر على النفوذ إلى برشلونة فتحولت إلى بلاد أشتورية، وهزمت أهلها، فبقي أمير برشلونة منفردا بقوته، وخرج في إحدى المعارك لقتال الإفرنج المحاصرين، فأخذ أسيرا ثم حمل الإفرنج على البلدة الحملة الأخيرة وفتحوها.
41
وكان فتح الإفرنج لبرشلونة سنة 801 مسيحية بعد أن بقيت تسعين سنة في أيدي المسلمين، فلما دخلوها حولوا جوامعها كنائس، وأرسل الملك لويس إلى أبيه شارلمان جانبا من الغنائم، فيها دروع وخوذ، ومنها خيول مسرجة بأفخر السروج، وبعد ذلك أصبح لفرنسة منطقتان في شمالي إسبانية إحداهما كتالونيا وقاعدتها برشلونة، والثانية غشقونية ومن جملتها ناباره وأراغون.
وفي تلك السنة جاء وفد من قبل هارون الرشيد إلى شارلمان، وكان شارلمان قبل ذلك قد أرسل رسولا يهوديا اسمه إسحق مصحوبا باثنين من الفرنسيس لأجل السلام من قبله على الخليفة العباسي، وقد أمر شارلمان هذا الوفد بأن يمر بالقدس قبل ذهابه إلى بغداد، وأن يتعهد أحوال زوار المسيحيين لبيت المقدس، ويتوسط لدى الخليفة في تسهيل هذه الزيارة حتى يزداد عدد الزوار والتجار القاصدين إلى البقاع المقدسة، وكان الفرنسيس من عهد أنيبال لم يروا في بلادهم فيلا، فكان من جملة مهمة هذا الوفد أن يأتوا من الشرق بفيل يبتهج برؤيته أهل فرنسة، فلما وصل الوفد إلى بغداد استقبلهم الخليفة برا وترحيبا ووعد بتسهيل زيارة المسيحيين لبيت المقدس وترفيه مقامهم عندما يردون إليه، ولم يكن في دار الوحوش التي عند الخليفة عندئذ سوى فيل واحد فبعث به هارون الرشيد إلى شارلمان ومعه هدايا أخر من منسوجات حريرية وقطنية لم يكن يوجد منها في فرنسة، ومن طيوب ومعطرات وأشياء أخر، وكان من جملة الهدية شمعدان من نحاس أصفر، عظيم الحجم، وساعة من نحاس أصفر أيضا تتحرك بالماء وتدق اثنتي عشرة مرة بعدد ساعات النهار.
ونزل الوفد في قدمته من الشرق، في مدينة بيزة، وحملت الهدايا بابتهاج عظيم إلى «أكس لاشابل» مركز الإمبراطور شارلمان، ولما وصل الوفد قدموا للإمبراطور تحايا الخليفة، وأبلغوه ما قاله لهم من أنه يضع مودته فوق مودة جميع الملوك
42
وكان هذا الوفد قد صدر له الأمر من شارلمان بأن يتوجه إلى قرطجنة، في إفريقية، ويلتمس من إبراهيم الأغلبي (عامل الخليفة) الإذن بنقل رفات القديس فبريانس المدفون في قرطجنة وغيره من القديسين المدفونين هناك، فأذن لهم إبراهيم فيما طلبوه وبعث أيضا رسولا وراءهم إلى الإمبراطور يتودد إليه، وقد كان لذلك في هاتيك الأيام وقع عظيم، نظرا لانقطاع العلاقات تقريبا بين الأقطار المتباعدة، وكانت الناس تستدل به على عظمة شارلمان
43
Página desconocida