Historia de las invasiones árabes en Francia, Suiza, Italia y las islas del Mediterráneo
تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط
Géneros
وقال ابن خلدون عن دخول موسى بن نصير إلى الأندلس ما يلي:
نهض من القيروان سنة ثلاث وتسعين في عسكر ضخم من وجوه العرب والموالي وعرفاء البربر، فوافوا خليج الزقاق ما بين طنجة والجزيرة الخضراء، فأجاز إلى الأندلس، وتلقاه طارق فانقاد واتبع. ويقال: إن موسى لما سار إلى الأندلس عبر البحر من ناحية الجبل المنسوب إليه المعروف اليوم بجبل موسى، وتنكب النزول على جبل طارق وتمم الفتح وتوغل في الأندلس إلى برشلونة في جهة المشرق، وأربونة في الجوف، وصنم قادس في الغرب، ودوخ أقطارها وجمع غنائمها، وأجمع أن يأتي المشرق من ناحية القسطنطينية، ويتجاوز إلى الشام دروب الأندلس ودروبه، ويخوض إليه ما بينهما من بلاد أعاجم أمم النصرانية مجاهدا فيهم ومستلحما لهم إلى أن يلحق بدار الخلافة من دمشق، ونمى الخبر إلى الخليفة الوليد فاشتد قلقه بمكان المسلمين من دار الحرب، ورأى أن ما هم به موسى تغرير بالمسلمين، فبعث إليه بالتوبيخ والانصراف وأسر إلى سفيره أن يرجع بالمسلمين إن لم يرجع هو، وكتب له بذلك عهده، ففت ذلك في عزم موسى وقفل عن الأندلس بعد أن أنزل الرابطة والحامية في ثغورها، واستعمل ابنه عبد العزيز لسدها وجهاد عدوها وأنزله بقرطبة فاتخذها دار إمارة، واحتل موسى بالقيروان سنة خمس وتسعين، وارتحل إلى المشرق سنة ست بعدها، بما كان معه من الغنائم والذخائر والأموال على العجل والظهر. يقال: إن من جملتها ثلاثين ألف رأس من السبي. وولى على إفريقية ابنه عبد الله، واندرجت ولاية الأندلس يومئذ في ولاية المغرب، فكان صاحب القيروان ناظرا في الجميع، وقدم موسى على سليمان بن عبد الملك وقد ولي الخلافة بعد الوليد فسخطه ونكبه. وثارت عساكر الأندلس بابنه عبد العزيز فقتلوه لسنتين من ولايته بإغراء الخليفة سليمان، وكان خيرا فاضلا وافتتح في ولايته مدنا كثيرة، وكان الذي تولى قتله حبيب بن أبي عبيدة الفهري، وكان سبب غضب سليمان على موسى أنه لما توجه إلى المشرق وانتهى إلى مصر وصل أشرافها وفقهاءها وبلغه الخبر بمرض الوليد، ووافاه كتابه يستحثه على القدوم، ووافاه كتاب آخر من سليمان يثبطه، فأسرع موسى باللحاق بالوليد فقدم عليه قبل وفاته بثلاثة أيام ودفع إليه ما معه من الذخائر والأموال، فغاظ ذلك سليمان، وأساء مكافأته حين أفضى الأمر إليه فنكبه ونكب آل بيته أجمع، وكانت وفاة موسى رحمه الله بالمدينة المنورة سنة ثمان وتسعين، وقيل غير ذلك. أ.ه.
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي زيد القيرواني: ارتدت البربر اثنتي عشرة مرة من طرابلس إلى طنجة، ولم يستقر إسلامهم حتى عبر موسى بن نصير البحر إلى الأندلس، وأجاز معه كثيرا من رجالات البربر برسم الجهاد، فاستقروا هنالك فحينئذ استقر الإسلام بالمغرب وأذعن البربر لحكمه وتناسوا الردة. أ.ه.
وقال ابن عذارى المراكشي في «المغرب في أخبار ملوك الأندلس والمغرب» ما يلي:
وفي سنة 96 توفي الوليد بن عبد الملك في جمادى الآخرة وولي الخلافة سليمان فغضب على موسى غضبا عظيما وأمر عليه فأوقف في يوم شديد الحر في الشمس، وكان رجلا بادنا ذا نسمة، فوقف حتى سقط مغشيا عليه، وقال له سليمان: كتبت إليك فلم تنظر كتابي هلم مائة ألف دينار. فقال: يا أمير المؤمنين، قد أخذتم ما كان معي من الأموال فمن أين لي مائة ألف؟ فقال سليمان: لا بد من مائتي ألف. فاعتذر، فقال: لا بد من ثلاثمائة ألف دينار، وأمر بتعذيبه وعزم على قتله. فاستجار بيزيد بن المهلب، وكانت له حظوة عند سليمان فاستوهبه منه وقال: يؤدي ما عنده. وقيل: إن موسى افتدي من سليمان بألف ألف دينار. ذكر ذلك ابن حبيب وغيره. ثم إن يزيد بن المهلب سهر ليلة مع الأمير موسى فقال له: يا أبا عبد الرحمن، في كم تعتد أنت وأهل بيتك من الموالي والخدام، أتكونون في ألف؟ فقال: نعم وألف وألف. قال: فلم ألقيت بيدك إلى التهلكة؟ أفلا أقمت في قرار عزك وموضع سلطانك؟ فقال: والله لو أردت ذلك لما نالوا من أطرافي شيئا، ولكني آثرت الله عز وجل ولم أر الخروج عن الطاعة. أ.ه.
قلت: لم يكن يزيد بن المهلب بالذي يجهل فضل الطاعة للخليفة وشناعة شق العصا، ولكنه قال لموسى هذا الكلام لما أثار من غيظه عمل خليفة كسليمان بن عبد الملك برجل عظيم خدم الإسلام ما لم يخدمه أحد مثل موسى بن نصير، فقد كافأه بما لا يكافأ به مجرم، وهو في الحقيقة لا من أعاظم رجال الإسلام فقط بل من أعاظم رجال العالم، وحسبك أنه هو الذي دوخ البربر المشهورين بشدة البأس وصعوبة المراس بعد أن أشعلوا ثورات، لا ينادى وليدها ولا يحصى عديدها، وبعد أن ارتدوا عن الإسلام اثنتي عشرة مرة، فلم يستقر إسلامهم إلا على يد موسى بن نصير، وحسبك أنه دخل الأندلس واستتم فتحها واستصفى ممالكها وهو ابن 75 سنة، وكان جميع جيشه هو وطارق لا يزيد على ثلاثين ألف مقاتل، ولو أن قائدا معه ثلاثمائة ألف مقاتل ما أحاط بالأندلس وأثخن فيها ما أحاطه موسى وأثخنه في ذلك الأمد القصير بين أمم أعداء تموج حواليه كالأبحر الزاخرة، وما رأى الأندلس وحدها كفؤا لهمته بل حدثته نفسه التي قل مثلها في نفوس البشر في بعد الهمة، أن يوغل في أرض الإفرنج، ويعطف منها إلى الشرق حتى ينفذ من القسطنطينية.
وقرأت في «تاريخ دول الإسلام» للإمام الذهبي أن موسى بن نصير توفي في وادي القرى عن 78 عاما، وأنه كان يقول: لو أطاعني عسكري نفذتهم حتى أفتح رومية.
وروى ابن عذارى أنه أقام على المغرب والأندلس أميرا نحوا من 18 سنة.
ومما ذكر في وفاته أنه حج مع الخليفة سليمان فلما وصلا إلى المدينة قال موسى لأصحابه: ليموتن بعد غد رجل قد ملأ ذكره المشرق والمغرب، وبالفعل كان موسى الرجل الذي ملأ اسمه المشرق والمغرب، وكان في الرجولية كالصخرة التي تنحط عنها السيول.
هذا ولم يكتف سليمان بنكبة موسى في شخصه حتى نكب جميع أولاده، فأمر محمد بن يزيد أمير إفريقية بأخذ عبد الله بن موسى بن نصير وتعذيبه واستئصال أموال بني موسى، فسجنه محمد وعذبه ثم قتله، وأما عبد العزيز بن موسى فقد رويت في أسباب قتله روايات كثيرة، أقربها إلى العقل أنه لما بلغه ما حل بأبيه وأخيه وأهل بيته خلع طاعة بني مروان، فجاء أمر سليمان إلى وجوه العرب بالأندلس بقتله، فقتلوه وحمل رأسه ورأس أخيه عبد الله حتى وضعا بين يدي أبيهما موسى وهو في عذابه.
Página desconocida