Historia de las invasiones árabes en Francia, Suiza, Italia y las islas del Mediterráneo

Shakib Arslan d. 1368 AH
201

Historia de las invasiones árabes en Francia, Suiza, Italia y las islas del Mediterráneo

تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط

Géneros

واستمر نجم الإسلام صاعدا في أوربا بعد هذه الوقعة العظيمة وأمراء الأغالبة لا ينفكون عن تعزيز المسلمين في ولايتهم الأوربية ومراقبة حركات الصليببين مراقبة عنيفة تحبط كل سعي في الانتكاث حتى دان من كان في حوزتهم من النصارى بالإسلام وتذوقوا حلاوة تحريره إياهم من ظلم الأمراء الإقطاعيين، وطغيان الكنيسة الكاثوليكية واستمر ذلك إلى أن ظهرت النبعة الآثمة نبعة الدعوة العبيدية في قبيلة كتامة البربرية من المغرب الأوسط، وقدر لها أن تجتاح الدولة الأغلبية فتعطل الفتح في أوربا وانقلبت جيوش إفريقية مغيرة على العالم الإسلامي لتقويض دولة بعد أخرى وهدم الخلافة العباسية القائمة في المشرق وبسبب ذلك تحولت السياسة الإسلامية تجاه أوربا من الهجوم والتوثب إلى الدفاع والتسليم.

ولم يجن أحد على الإسلام ما جناه عليه هؤلاء العبيديون أو الفاطميون وإليك البيان:

لما تغلب عبيد الله المهدي على إفريقية وزال عنها حكم بني الأغلب كرهت الولايات الإسلامية في أوربا أن تقدم طاعتها للمتغلبين، فأجمع أصحاب الشأن فيها على إعلان الاستقلال حتى يمتنع نقل الجيش من أوربا إلى إفريقية، فبايعوا بالإمارة القائد أحمد بن زيادة الله بن قرهب؛ وبمجرد انعقاد هذه البيعة كتب الأمير إلى المقتدر بالله الخليفة العباسي بالطاعة، فأنفذ إليه المقتدر بالتقليد والخلع والألوية وطوق من الذهب ولما بلغ ذلك عبيد الله المهدي أخذ يسعى في بث الدسائس والفتن بين المسلمين في أوربا، وما زال بهم حتى اختلت الأمور على ابن قرهب فخلع سنة 303 وقتل بعد أن وصل إلى المهدية؛ وعقب ذلك اجتمع أولو الحل والعقد من المسلمين في دار الإمارة ببليرم فكتبوا إلى المهدي، وذلك بعد أن بلغهم أنه جهز جيشا لغزو المشرق بقيادة الطاغية البربري القائد حباسة بن يوسف يلتمسون منه تعيين الولاة والقضاة وأن يبقى لهم الجيش يدرأون به الأخطار أمام الأعداء إلى غير ذلك من الشروط التي تضمن لهم الاستقلال الداخلي ولا تجعل بلادهم عرضة للغارة والفتوق، فأبى أن يجيبهم إلى هذه الطلبات العادلة، وأخرج إليهم الجيوش والأساطيل وعين عليهم سعيد بن المضيف فحاصرهم شهورا، وكانت البلاد ممتنعة عنه فتنحى عنها وأرجل جنود كتامة في أرباض الشواطئ المفتوحة للنهب والسلب، ففعلوا الأفاعيل التي أفزعت النساء والذرية؛ حتى إذا رأى المسلمون أنه لا طاقة لهم بهذا الفزع نزعوا إلى طلب الأمان فأمنهم بلا قيد ولا شرط، وعلى أثر ذلك احتل البلاد وهدم أسوار المدن وجرد حاميتها من السلاح والخيل وفرض المغارم الكثيرة، ونصب سالم بن أبي راشد أميرا عليها وعززه بجيش من كتامة فكان دأبهم الإفحاش في الظلم وسلب الأموال، فانقبضت النفوس وخارت الهمم عن التوسع حتى طمع فيهم رعاياهم الإيطاليون والفرنسيون.

وفي عهد أبي القاسم بن عبيد الله المهدي عين لولاية أوربا خليل بن إسحاق الطاغية؛ فقضى في الحكم أربعة أعوام ارتكب فيها من الجور والفساد ما لم يسمع بمثله، وجعل المسلمين يفرون أفواجا أفواجا إلى البلاد النصرانية ويتنصرون. ويحدثنا عنه المؤرخون أنه لما عاد سنة 329 إلى شمالي إفريقية كان يفتخر بمظالمه، فقد حضر مجلسا من وجوه الدولة العبيدية في قصر الإمارة وكانوا يتباحثون في شئون الدولة، فقال: إني قتلت في إمارتي ألف ألف نسمة، فرد عليه أبو عبد الله المؤدب، وكان من عقلاء الرجال في الدولة الشيعية: «لك يا أبا العباس في قتل نفس واحدة ما يكفيك».

وفي أيام الأمير تميم الملقب بالمعز لدين الله وجه القائد جوهرا في الغزوة الثانية على مصر سنة 357 بعد وفاة صاحبها كافور الإخشيدي فاستولى عليها وبنى له مدينة القاهرة، وفي سنة 361 رحل المعز إلى المشرق واتخذ القاهرة عاصمة لملكه واستخلف على إفريقية أبا الفتوح يوسف بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي مؤسس الدولة الصنهاجية؛ فكان همه ضبط البلاد وتكوين الشعور بالوحدة البربرية، فشعرت الأمم النصرانية المتاخمة للمسلمين في أوربا بسريان هذا الضعف والانحلال في قوة التماسك بالوحدة الإسلامية، فأخذوا يواثبون المسلمين في كل مكان، وما زالوا يجمعون ويؤلبون عليهم إلى أن وافتهم سنة 372، فحشدوا قواهم لمناجزة المسلمين في فرنسة، ولما بلغ ذلك أبا الفتوح أمر عامله على جنوبي أوربا أن ينهد لقتالها فتحرك إليهم في جيوش كثيفة ودارت بينهم معارك ارتدت فيها النصرانية على الأعقاب وفاز فيها المسلمون فوزا عظيما، فما كان من الملك روجار النرماندي قائد هذه الحملات الصليبية الأولى إلا أن استنفر الأمم النصرانية لمحاربة الإسلام في أوربا وإفريقية.

وكان النرمنديون نزلوا من شمال فرنسة إلى جنوبها ثم شرعوا يتعقبونهم ويناجزونهم في إيطاليا ويفتكون منهم المدن، مدينة إثر مدينة، حتى ملكوا جميع البلاد الإسلامية في جنوب أوربا، ومما ساعدهم على ذلك تراجع أمر الدولة الصنهاجية أواخر حكم المعز بن باديس إثر الزحفة الهلالية التي سيرها إليهم العبيديون سنة 452 من مصر لتقويض معالم شمالي إفريقية.

ولم تقف أطماع النرمنديين على إزالة الحكم الإسلامي من أوربا، بل جنحوا إلى التغلب على المسلمين في مواطنهم الآمنة بإفريقية، فهجموا في سنة 476 على المهدية دار المملكة الصنهاجية بأسطول مؤلف من 300 مركب عليه 30 ألف مقاتل، وكانت المدينة مفتوحة غير محصنة فتغلبوا عليها وعلى زويلة، وأحدثوا فيها مقتلة ذريعة، وحرقوا وخربوا المعالم المشهورة وأخيرا صالحهم تميم بن المعز بن باديس على مائة ألف دينار وما انتهبوه من الأموال وسبوه من النساء والذراري.

ولما انتقل الحكم إلى الأمير حسن بن علي بن تميم بن المعز بن باديس سنة 516 أراد غسل العار الذي لحق الدولة من فعل النرمنديين ورد ما فقدته من الأقطار الواسعة في أوربا، فندب لذلك حليفه الأمير علي بن يوسف بن تاشفين اللمتوني صاحب العدوتين أن ينهد لقتال النرمنديين؛ فأغزى أسطوله شطوط أوربا الجنوبية، وكان بقيادة أبي عبد الله ميمون، فأثخن فيها قتلا وسبيا ورد أمم النصرانية على أعقابها بعد أن هلك من الطرفين عدد لا يحصى، ولم تخمد هذه الكارثة همم النرمانديين وتقعد بهم عن استئناف حملتهم على المهدية، فأعادوا الكرة عليها في أساطيلهم أواخر جمادى الأولى سنة 517 فتلقاهم آساد العرين في كل مكان وتخطفتهم السيوف حتى أبيدوا عن آخرهم، وغنم المسلمون مراكبهم وأسلحتهم وأموالهم، فكانت وقعة عظيمة أنعشت أرواح المسلمين بعد طول الخمود؛ ولكن الصليبيين لم يكفوا عن متابعة الغارة فأعادوا الكرة على المهدية سنة 543 فاحتلوها بعد وقائع مهولة وخرج منها السلطان حسن بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس بجملته وحاشيته إلى جزائر بني مزغناي (الجزائر) وجعل الصليبيون المهدية قاعدة لحركتهم الحربية في شمالي إفريقية وشن الغارة منها على ما يليها من الشطوط التي استولوا عليها، وقد مكثوا بها إلى أن أجلاهم عنها أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي في المحرم سنة 555 ولولا نجدته لكانت بلادنا اليوم بلادا نصرانية من غير شبهة. انتهى.

كتابات عربية على القبور الإسلامية في مالطة

بعد أن أتممنا كتابنا المتضمن غزوات العرب في فرنسة وسويسرة وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط ومن جملتها جزيرة مالطة اطلعنا على رسالة للمستشرق الإيطالي (إيطوري روسي)

Página desconocida