مع ان زيدا المذكور قد اعتمده الشيخان لجمع الصحف التي كتبت عليها آيات القرآن عند ما كان الوحي ينزل به على الرسول بين حين وآخر. والذي في الرواية ، ان الخليفة لم يكلفهم بأكثر من نقله من الصحف التي كانت عند السيدة حفصة ، كما جاء في رواية البخاري ، الى المصاحف ، فالمفروض في مثل ذلك ان ينقلوه الى الصحف ، باللغة التي كتبت فيها تلك الصحف أيام الرسول (ص). وطبيعي أن تكون قد قرئت عليه أي على الرسول كما كتبت ، فليس لعثمان ولغيره حق الاختيار لأي لغة من اللغات في مثل هذه الحالة.
على ان اختياره للغة قريش دون سواها ، رجوع الى الروح القبلية التي حاربها الإسلام والقرآن منذ فجرها الأول ، حتى الأيام الأخيرة من حياة الرسول. وليس في القرآن ما يشير إلى أنه نزل بلدة قبيلة دون اخرى. وانما الشيء الثابت انه نزل بلغة العرب كما تنص على ذلك الآية الكريمة : ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ). وجاء عن الرسول من طريق أهل السنة أنه نزل على سبعة أحرف. وقد فسرت الأحرف السبعة بلغات العرب ، ولازم ذلك انه نزل بلغة جميع العرب. وقد ذهب الى ذلك كثير من المحققين ، ومنهم الشيخ الطبرسي في مقدمة تفسيره الكبير (1).
وقيل في تفسير الحديث ان المراد فيها سبعة أوجه من القراءات. أما عند الإمامية فإنه نزل بحرف واحد (2). وفي «آلاء الرحمن في تفسير القرآن» نقل بعض الروايات عن الباقر والصادق تؤيد ما ذهب إليه الشيعة ، منها ما رواه في الكافي عن الفضيل بن يسار ، قال : قلت لأبي عبد الله الصادق
Página 144