حفاظ القرآن من المهاجرين والأنصار قتل منهم جماعة في حرب اليمامة ، ويوشك أن تأتي الحروب على البقية الباقية.
فأشار أبو بكر على زيد بن ثابت بجمع القرآن ، فشق عليه ذلك ، وأخيرا جمعه في صحف وربط بعضها الى بعض ، وبقيت هذه الصحف عند حفصة بنت عمر. ولما انتشر الحفاظ والقراء في الأمصار ، يقرئون الناس القرآن ، وبينهم شيء من الاختلاف في بعض أحرف القرآن ، تبعا لاختلاف لغاتهم ، قدم حذيفة اليمان على الخليفة عثمان ، وكان مع الجيش الذي تولى غزو ارمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال لعثمان : أدرك الأمة ، قبل ان يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة ان ارسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها إليك ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف الى حفصة ، وأرسل الى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف ان يحرق. وكان ذلك سنة خمس وعشرين للهجرة (1).
ومن هذه الرواية يظهر ان العمل الذي قام به زيد بأمر أبي بكر وعمر ، على تقدير وقوعه ، هو جمع الألواح التي كتب عليها القرآن في
Página 142