Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
روى المؤرخون أن أقاربه كانوا متهاونين بأمره محتقرين له لأشياء كانت تظهر منه في صباه توجب ذلك، فبعد أن قتل أخاه وعمه ونكل ببقية الأمراء هابوه وأشربت قلوبهم خوفه. (19-5) حبه العدل بين الناس
وكان في جميع أيامه وسيره مؤثرا للعدل، متحريا له بحسب طاقته وما يقتضيه إقليمه والأمة التي هو فيها، وأراد في أول أمره الجري على سنن الخلفاء الأول. وكان يقعد للناس عامة ولا يحجب عن أحد من صغير ولا كبير، حتى اختصم إليه رجلان في نصف درهم، فقضى بينهما وأمر الوزير أبا يحيى صاحب الشرطة أن يضربهما ضربا خفيفا؛ تأديبا لهما، وقال لهما: أما كان في البلد حكام قد نصبوا لمثل هذا؟! ثم صار يقعد في أيام مخصوصة لمسائل مخصوصة لا ينفذها غيره كأنه محكمة عليا.
ولما ولى أبا القاسم بن بقي القضاء، كان فيما اشترط عليه أن يكون قعوده بحيث يسمع حكمه في جميع القضايا. فكان يقعد في موضع بينه وبين أمير المؤمنين ستر من ألواح. وكان قد أمر أن يدخل عليه أمناء الأسواق وأشياخ الحضر في كل شهر مرتين يسألهم عن أسواقهم وأسعارهم وحكامهم. وكان إذا وفد عليه أهل بلد فأول ما يسألهم عن عمالهم وقضاتهم وولاتهم، فإذا أثنوا خيرا قال اعلموا أنكم مسئولون عن هذه الشهادة يوم القيامة، فلا يقولن أحد منكم إلا حقا! (19-6) حبه الخير
وبنى بمدينة مراكش مستشفى يظن المؤرخون أن ليس في الدنيا مثله، وتخير له ساحة فسيحة بأعدل موضع في البلد، وأجرى له ثلاثين دينارا في كل يوم برسم الطعام وما ينفق عليه خاصة خارجا عما جلب إليه من الأدوية، وأقام فيه الصيادلة لتجهيز أنواع الدواء، وأعد للمرضى ثياب ليل ونهار للنوم من جهاز الصيف والشتاء، فإذا نقه المريض الفقير أمر له عند خروجه بمال يعيش به ريثما يشتغل، ولم يقصره على الفقراء دون الأغنياء، ولم يقصره على أهل البلد، بل كل من مرض من الغرباء يحمل إليه ويعالج إلى أن يشفى أو يموت. وكان يزوره في كل جمعة ويعود المرضى ويسألهم بقول «كيف حالكم؟ وكيف القومة عليكم؟» وبمناسبة الغرباء نذكر أن جمهورية جنيف في وقتنا هذا تتقاضي من الغرباء ضريبة باسم المستشفى الخيري. ولكنها جعلت العلاج فيه قاصرا على أهل البلاد دون الغرباء! (19-7) حبه الصدقة المنظمة
وكان كثير الصدقة تصدق مرة بأربعين ألف دينار، خرج منها للعامة نحو من نصفها والباقي في القرابة. وقد قسموا مدينة مراكش أرباعا وجعلوا في كل ربع أمناء معهم أموال يتحررون بها المساتير وأرباب البيوتات. وكان كلما دخلت السنة يأمر أن يكتب له الأيتام المنقطعون فيجمعون إلى موضع قريب من قصره، فيختنون ويأمر لكل صبي منهم بمثقال وثوب ورغيف ورمانة. (19-8) عدم تصديقه الخرافات
سمع النساء يوما يمجدن ذكر سلفه ابن تومرت المتسمى بالمهدي ويقلن ما معناه بلسانهن: «صدق مولانا المهدي نشهد أنه الإمام حقا!» فابتسم استخفافا بقولهن لأنه لا يرى شيئا من هذا كله. وكان لا يرى رأيهم في ابن تومرت. وروى أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف المربي أنه قال له: «يا أبا العباس اشهد لي بين يد الله عز وجل أني لا أقول بالعصمة (يعني عصمة ابن تومرت).» وقال له يوما وقد استأذنه في فعل شيء يفتقر إلى وجود الإمام: «يا أبا العباس أين الإمام؟!» (19-9) بغضه التمليق
روى أبو بكر بن هاني قال: «لما رجع أمير المؤمنين من غزوة الأرك، وهي التي أوقع فيها بألفونس وأصحابه، خرجنا نتلقاه، فقدمني أهل البلد لتكليمه، فرفعت إليه فسألني عن أحوال البلد وأحوال قضاته وولاته وعماله على ما جرت عادته، فلما فرغت من جوابه سألني كيف حالي في نفسي، فتشكرت له ودعوت بطول بقائه، ثم قال لي: ما قرأت من العلم؟ قلت قرأت تواليف الإمام - أعني ابن تومرت - فنظر إلي نظرة المغضب وقال: «ما هكذا يقول الطالب! إنما حكمك أن تقول قرأت كتاب الله وقرأت شيئا من السنة، ثم بعد هذا اتل ما شئت».» (19-10) حبه العمارة
شرع في بنيان مدينة عظمى على ساحل البحر والنهر من العدوة التي تلي مراكش، وقد أتم سورها وبني فيها مسجدا عظيما كبير المساحة، وعمل له مئذنة في نهاية العلو على هيئة منار الإسكندرية، وقد تمت المدينة في حياته وكملت أسوارها وأبوابها وعمر كثيرا منها، وهي تجيء في طولها نحوا من فرسخ، وهي قليلة العرض، ولم يزل العمل فيها وفي مجدها طول مدة ولايته إلى سنة 594. (19-11) حبه الطلبة
نال عنده طلبة العلم ما لم ينالوا في أيام أبيه وجده، وانتهى أمره معهم إلى أن قال يوما بحضرة كافة الموحدين بسمعهم، وقد بلغه حسدهم للطلبة على موضعهم منه وتقريبه إياهم وخلوته بهم دونهم: «يا معشر الموحدين، أنتم قبائل، فمن نابه منكم أمر فزع إلى قبيله، وهؤلاء الطلبة لا قبيل لهم إلا أنا، فمهما نابهم أمر فأنا ملجؤهم وإلي فزعهم وإلي ينتسبون.» فعظم من ذلك اليوم أمرهم، وبالغ الموحدون في برهم وإكرامهم. (19-12) اضطهاد اليهود بعد إسلامهم
وفي آخر أيام أبي يوسف أمر أن يتميز من أسلم من اليهود الذين بالمغرب بلباس يختصون به دون غيرهم، ولم يزالوا كذلك بقية أيامه ومقدارا من أيام ابنه عبد الله. وإنما حمل أبا يوسف على ذلك شكه في إسلامهم، وكان يقول: «لو صح عندي إسلامهم لتركتهم يختلطون بالخلق في أنكحتهم وسائر أمورهم، ولو صح عندي كفرهم لقتلت رجالهم وسبيت ذراريهم وجعلت أموالهم نسيئا للمسلمين، ولكني متردد في أمرهم، ولم تنعقد عندنا ذمة ليهودي ولا نصراني منذ قام أمر المصادمة، ولا في جميع بلاد المسلمين بالمغرب بيعة ولا كنيسة، إنما اليهود عندنا يظهرون الإسلام ويصلون في المساجد ويقرئون أولادهم القرآن، جارين على ملتنا وسنتنا، والله أعلم بما تكنه صدورهم وتحويه بيوتهم.» (19-13) ميله إلى التصوف
Página desconocida