Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
العلوم الدنيا وهي الخاصة بالمادة وهي الطبيعيات وما يتبعها ، وهي العلوم الخاصة بكل ما كان له مادة ظاهرة وما ينشأ عنها. (3)
العلوم الوسطى وهي التي تتعلق تارة بما وراء الطبيعة وطورا بالمادة وهي الرياضيات.
وقد عدها كذلك لأنها بين بين، فإن علم الحساب مثلا خاص بما لا علاقة له بالمادة بطبيعته ولكنه يتصل بها بمقتضى الحال. وعلم الهندسة خاص بالموجودات التي يمكن تخيلها بدون اتصالها بالمادة، ومع أنها لا وجود لها في الحس فإنها لا قوام لها إلا بالأشياء المرئية.
أما الموسيقى وفنون الآلات والعلوم البصرية فإن علاقتها بالمادة قريبة، إلا أن نسبة رفعة بعضها عن البعض راجعة إلى دنوها من الطبيعيات. وقد تكون العلوم في بعض الأحوال مشتبكة لا يمكن فصلها كما هي الحال في علم الفلك، فإنه علم رياضي ولكنه خاص بأرقى طبقة من طبقات العلم الطبيعي.
وإن هذا التقسيم لدليل قاطع على مقدار ما استفاده ابن سينا من كتب أرسطو، ويرى الخبير من الإمعان في مؤلفات ابن سينا أن التلميذ فاق أستاذه في فحص العلوم وتبيينها.
فإن أرسطو قسم الفلسفة النظرية إلى ثلاثة أقسام: الرياضيات، والطبيعيات، وعلم اللاهوت. وبذا جعل الرياضيات نوعا من الفلسفة ونسب إلى الرياضيات فنونا تبحث في غير المادة (فيما ليس متحركا ومنفصلا عن المادة)، ثم ذكر علوما أخرى كالفلك وعلم المرئيات وفن الانسجام ونسبها إلى الطبيعيات، ولكنه لم يحط بتقسيم بلغ من الدقة والجلاء ما بلغه تقسيم ابن سينا للعلوم. (راجع كتاب ما وراء الطبيعة لأرسطو الكتاب السادس الفصل الأول، والطبيعيات له أيضا الكتاب 2 فصل 2). ولم تكن زيادة البيان التي امتاز بها ابن سينا قاصرة على تقسيم العلوم، بل كان ذلك يشمل النظريات الفلسفية، فإن ابن سينا قال كسابقيه في نظرية الكائن بالممكن والضروري، ثم أضاف إلى ذلك آراء خاصة بها ينبغي الوقوف عليها؛ فإنه قسم الكائن إلى ثلاثة أقسام: ما كان ممكنا فقط، وفي هذا القسم أدخل سائر الكائنات التي تولد وتموت؛ القسم الثاني ما كان ممكنا بذاته وضروريا بسبب خارج عنه، أو بعبارة أخرى كل كائن قابل للتولد والفناء (ما عدا السبب الأول مثل الدوائر والأفلاك) والعقول التي هي بذاتها كائنات ممكنة ولا تصير واجبة إلا باتصالها بالسبب الأول؛ أما القسم الثالث فهو قاصر على ما كان واجبا بذاته وهو الله. يقول ابن سينا وتقرر هذا الكائن الفرد وحده باتحاد الوجود والوحدة والروح. أما في الكائنات التي سبق ذكرها في القسمين الأولين فإن الوحدة والوجود هما حادثان طرآ على روح الأشياء واتصلا بها.
وقد عارض ابن رشد هذا التقسيم في أماكن شتى من مؤلفاته وانتقده وأفرد له رسالة على حدة، لا يوجد منها الآن إلا نسخة عبرية بالمكتبة الوطنية بباريس. يقول ابن رشد إن ما كان واجبا بسبب خارج عنه لا يمكن أن يكون ممكنا بذاته إلا إذا هلك السبب الخارج، وهذا مستحيل فيما فرضه ابن سينا؛ لأن السبب الأول واجب الوجود وليس عرضة للهلاك، ثم إن ابن رشد يرد بشدة على ما زعمه ابن سينا من أن الوجود والوحدة ليسا سوى عارضين يطرآن على حقيقة الأشياء.
ويقول إن ابن سينا خلط الوحدة العددية، التي هي لا شك طارئة بالوحدة المطلقة التي هي وروح الأشياء واحد لا يتعدد، وبذا لا تنفصل عنه (أي عن ذلك الروح)، ثم ذكر ابن رشد أن ابن سينا قد قال في ذلك بآراء المتكلمين الذين يعتبرون الكون الأرضي بما فيه في دائرة الكائنات الممكنة، ويعتقدون أنها قابلة للتغير. إنما تفوق ابن سينا عليهم في التمييز بين الممكن والواجب لإثبات وجود كائن روحي (هيولاني).
وبعد أن أظهر ابن رشد خطأ ابن سينا في تقسيمه قال: «وقد رأينا في هذا الزمن كثيرين من أتباع ابن سينا يفسرون رأيه ليحوروه، فيقولون إن ابن سينا لم يقل بوجود مادة منفصلة بذاتها، وهذا في زعمهم ناشئ عن كيفية الشرح التي استعملها ابن سينا في عدة مواضع في الكلام على واجب الوجود. وهذا أيضا هو أساس فلسفته التي وضعها في كتاب الحكمة المشرقية، وقد أطلق عليها هذا الاسم لأنه استعارها من المشارقة الذين يوحدون بين الله وبين الدوائر السماوية (الأفلاك) وهذا الرأي منطبق على رأي ابن سينا.» ا.ه. كلام ابن رشد.
إن فكرة وحدة الوجود الشرقية هذه لم تترك أثرا في كتابات ابن سينا التي تربطه بالمشائين وهي غاية بحثنا في هذه الرسالة.
Página desconocida