Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
الأخلاقية في نظره أساس السلوك. وهو يوافق أفلاطون حينا وحينا أرسطو، وقد يسبقهما بفضل نقاء النفس الذي اكتسبه من التصوف، ويخالف أهل الدين في قولهم إن الأخلاق تصدر عن العلوم الشرعية، ويثبت في مواطن شتى أن العقل وحده قادر على التمييز بين الخير والشر ، وأن العقل الموهوب للإنسان جدير بأن يبين لنا خطة السلوك المثلي، لا سيما وأن العلم هو أعظم الفضائل، وفي هذا القول الأخير تطبيق لمذهب أفلاطون الذي يعتبر المعرفة رأس الفضيلة.
ومن أمثاله أن الواقف على مبادئ أرسطو وتآليفه ثم لا يسلك سلوكا منطبقا على ما جاء بها أفضل ممن كان جاهلا بها وسلك سلوكا منطبقا عليها؛ ذلك لأن المعرفة أفضل من الفعل الفاضل، وإلا ما استطاعت المعرفة أن تميز بين الفعل الفاضل وضده، فقوة التمييز القائمة بها دليل على فضلها. ويقول بأن النفس بطبيعتها ذات شهوات شتى، وأن إرادتها على قدر إدراكها وتصورها، ومثل الإنسان في ذلك مثل الحيوانات الدنيا. ولكن تمييز الإنسان بالعقل جعل له حرية الخيار؛ فهو يفعل ما يمليه عليه عقله ويسأل عن أفعاله بفضل هذا التمييز. (17) الفارابي والموسيقى
أضاف الفارابي إلى حب الحكمة شغفا زائدا بالموسيقى، ويروى من أخباره أن سيف الدولة كان من المعجبين بتفننه في الأنغام، وقد أفاد العرب صنع آلات الطرب ووضع قواعد التوقيع. وروى ابن أبي أصيبعة أنه صنع آلة إذا وقع عليها أحدثت انفعالا في النفس فيضحك السامع ويبكيه ويستخفه ويستفزه، وقال بعضهم إنها شبيهة بالقانون المعروف لعهدنا هذا أو هي القانون بذاته، ومن مؤلفاته كتابان في الموسيقى: الأول يشمل بيانا كافيا لنظريات علم الأنغام، وقد فحصه العلامة كورسجارتن المستشرق وحلله.
قال أبو نصر في مقدمة كتابه «إنه استنبط طريقة خصيصة به ولم يقلد أحدا»، ثم أخذ يبين طبيعة الأصوات وتوافقها وطبقات الوقف وأنواع الأنغام والأوزان والهزج، وذكر أنه وضع كتابا آخر خصصه بوصف طرائق الأقدمين، وجاء بالنسخة المحفوظة بالاسكوريال أن الفارابي شرح آراء الأقدمين وبين ما أحدثه كل عالم من علماء الموسيقى، وصحح أغلاطهم وملأ الفراغ الذي تركوه في تلك الصناعة.
ولما كان قد اهتدى بالعلوم الطبيعية إلى ما لم يهتد إليه فيثاغورس وتلاميذه، فقد أخذ يبين خطأهم فيما تخيلوه من أصوات الكواكب وألفة الأنغام السماوية، ثم شرح تأثير تموج الهواء في رنات الأوتار معتمدا على التجارب، وأرشد إلى وسائل صنعها بحيث يمكن إخراج الأصوات المرغوبة. وبالجملة «كان في علم صناعة الموسيقى وعملها قد وصل إلى غايتها وأتقنها إتقانا لا مزيد عليه» (القاضي صاعد). (18) أسلوبه الكتابي
كان أسلوبه بالعربية دقيقا رشيقا مع أنه كان فارسي الأصل، ويؤخذ عليه حبه للمترادفات مما يؤدي في بعض الأحيان إلى التوسع في المعاني الفلسفية التي تحتاج إلى التحديد والتعيين وتقيد كل معنى بلفظه وكل لفظ بمعناه.
وها نحن ننقل نبذا وجيزة من إنشائه تدل على أسلوبه.
قال في اسم الفلسفة:
اسم الفلسفة يوناني، وهو دخيل في العربية، وهو على مذهب لسانهم فيلسوفيا، ومعناه إيثار الحكمة، والفيلسوف مشتق من الفلسفة، وهو على مذهب لسانهم فيلسوفوس، فإن هذا التغيير هو تغيير كثير من الاشتقاقات عندهم ومعناه المؤثر للحكمة، والمؤثر للحكمة عندهم هو الذي يجعل الوكد من حياته وغرضه من عمره الحكمة.
وقال في تاريخ ظهور الفلسفة ما هذا نصه: «إن أمر الفلسفة اشتهر في أيام ملوك اليونانيين وبعد وفاة أرسطوطاليس بالإسكندرية إلى آخر أيام المرأة، وإنه لما توفي بقي التعليم بحاله فيها إلى أن ملك ثلاثة عشر ملكا، توالى في مدة ملكهم من معلمي الفلسفة اثنا عشر معلما، أحدهم المعروف بأندرونيقوس، وكان آخر هؤلاء الملوك المرأة فغلبها أوغسطوس الملك من أهل رومية وقتلها واستحوذ على الملك، فلما استقر له نظر في خزائن الكتب وصنعها، فوجد فيها نسخا لكتب أرسطوطاليس قد نسخت في أيامه وأيام تاوفرسطس، ووجد المعلمين والفلاسفة قد عملوا كتبا في المعاني التي عمل فيها أرسطو، فأمر أن تنسخ تلك الكتب التي كانت نسخت في أيام أرسطو وتلاميذه، وأن يكون التعليم منها، وأن ينصرف عن الباقي وحكم أندرونيقوس في تدبير ذلك، وأمره أن ينسخ نسخا يحملها معه إلى رومية ونسخا يبقيها في موضع التعليم بالإسكندرية. وأمره أن يستخلف معلما يقوم مقامه بالإسكندرية ويسير معه إلى رومية، فصار التعليم في موضعين وجرى الأمر على ذلك إلى أن جاءت النصرانية، فبطل التعليم من رومية وبقي بالإسكندرية إلى أن نظر ملك النصرانية في ذلك، واجتمعت الأساقفة وتشاوروا فيما يترك من هذا التعليم وما يبطل، فرأوا أن يعلم من كتب المنطق إلى آخر الأشكال الوجودية ولا يعلم ما بعده؛ لأنهم رأوا أن في ذلك ضررا وأن فيما أطلقوا تعليمه ما يستعان به فبقي الظاهر من التعليم هذا المقدار ما ينظر فيه، وصار الباقي مستورا إلى أن كان الإسلام بعده بمدة طويلة، فانتقل التعليم من الإسكندرية إلى أنطاقية، وبقي بها زمنا طويلا إلى أن بقي معلم واحد فتعلم منه رجلان وخرجا ومعهما الكتب، فكان أحدهما من أهل حران والآخر من أهل مرو. فأما الذي من أهل مرو فتعلم منه رجلان أحدهما إبراهيم المروزي والآخر يوحنا بن حيلان. وتعلم من الحراني إسرائيل الأسقف وقويرى وسار إلى بغداد، فتشاغل إبراهيم بالدين وأخذ قويرى في التعليم، وأما يوحنا ابن حيلان فإنه تشاغل أيضا بدينه، وانحدر إبراهيم المروزي إلى بغداد فأقام بها وتعلم من المروزي متى بن يونان، وكان الذي يتعلم في ذلك الوقت إلى آخر الأشكال الوجودية» ا.ه. (19) إيضاح لفلسفة الفارابي (ملخص لها ونصوص منها) (19-1) حياته وأخلاقه
Página desconocida