Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
والعالم أشبه شيء عندهم بالمدينة الواحدة، وذلك أنه كما أن المدينة تتقوم برئيس واحد ورياسات كثيرة تحت الرئيس الأول، كذلك الأمر عندهم في العالم، وذلك أنه كما أن سائر الرياسات التي في المدينة إنما ارتبطت بالرئيس الأول، من جهة أن الرئيس الأول هو الموقف لواحدة واحدة من تلك الرئاسات على الغايات التي من أجلها كانت تلك الرئاسات، وعلى ترتيب الأفعال الموجبة لتلك الغايات، كذلك الأمر في الرئاسة الأولى التي في العالم مع سائر الرئاسات، وتبين لهم أن المبدأ الأول هو مبدأ جميع المبادئ، فإنه فاعل وصورة وغاية، وصارت جميع الموجودات تطلب غايتها بالحركة نحو المبدأ الأول، وتطلب بها غاياتها التي من أجلها خلقت، وجميع الموجودات فتطلبها بالطبع (غريزة)، وأما الإنسان فبالإرادة. (42-21) الكلام على حشر الأجساد
أخذ الغزالي يزعم أن الفلاسفة ينكرون حشر الأجساد، وهذا شيء ما وجد لواحد ممن تقدم فيه قول، والقول بحشر الأجساد أقل ما له منتشرا في الشرائع ألف سنة، والذين تأدت إلينا عنهم الفلسفة دون هذا العدد من السنين، وذلك أن أول من قال بحشر الأجساد هم أنبياء بني إسرائيل الذين أتوا بعد موسى، وذلك بين من الزبور ومن كثير من الصحف المنسوبة لهم. وثبت أيضا ذلك في الإنجيل وتواتر القول به عن عيسى، وهو قول الصابئة. وقد قال عنها أبو محمد ابن حزم إنها أقدم الشرائع، والحكماء بأجمعهم يرون في الشرائع أن يتقلدوا من الأنبياء والواضعين مبادئ العمل والسنن المشروعة في ملة ملة.
والممدوح عندهم من هذه المبادئ الضرورية هو ما كان منها أحث للجمهور على الأعمال الفاضلة، حتى يكون الناشئون عليها أتم فضيلة من الناشئين على غيرها. فما قيل في الميعاد في الشريعة الإسلامية هو أحث على الأعمال الفاضلة مما قيل في غيرها، ولذلك كان تمثيل الميعاد لهم بالأمور الجسمانية أفضل من تمثيله بالأمور الروحانية. (43) ابن رشد وحرية الفكر
كتب الأستاذ لويجي رينالدي في بحث «المدنية العربية في الغرب» قال:
ومن فضل العرب علينا أنهم هم الذين عرفونا بكثير من فلاسفة اليونان، وكانت لهم الأيدي البيضاء على النهضة الفلسفية عند المسيحيين. وكان الفيلسوف ابن رشد أكبر مترجم وشارح لنظريات أرسطاطاليس، ولذلك كان له مقام جليل عند المسلمين والمسيحيين على السواء، وقد قرأ الفيلسوف النصراني توماس نظريات أرسطاطاليس شرح العلامة ابن رشد. ولا ننس أن ابن رشد هذا هو مبتدع مذهب «الفكر الحر»، وهو الذي كان يتعشق الفلسفة ويهيم بالعلم ويدين بهما، وكان يعلمهما لتلاميذه بشغف وولع شديدين، وهو الذي قال عند موته كلمته المأثورة: «تموت روحي بموت الفلسفة.»
وكتب قبله المفكر الإنجليزي جون روبرتسون في «تاريخ وجيز للفكر الحر» (ج1 ص277) قال ما نصه:
إن ابن رشد أشهر مفكر مسلم؛ لأنه كان أعظم المفكرين المسلمين أثرا وأبعدهم نفوذا في الفكر الأوروبي، فكانت طريقته في شرح أرسطو هي المثلى في القرون الوسطى، وقد ظهر فضله بشرح نص السيانتزم (ألوهية العالم)، الذي يؤيد أزلية الكون المادي، ويقول بأن النفس الفارقة تخلق من النفس العامة وتعود إليها فتتلاشى فيها، فجعل شرح هذا المذهب لابن رشد شأنا كبيرا في عالمي الفكر المسيحي والإسلامي.
وقد انشق على مذهب الزهد والتصوف الذي نشره ابن باجه وابن طفيل، وحارب الغزالي في آرائه الدينية المخالفة للعقل، وأفرد لذلك كتاب «تهافت التهافت » ردا على «تهافت الفلاسفة» أشهر كتب الغزالي وأظهرها غرضا. فأثبت ابن رشد بكتبه أنه أقل فلاسفة الإسلام تصوفا وأكثرهم تأييدا للعقل، وهو يعارض وجهة النظر الدينية في كل رأي جوهري، فأنكر بعث الأجساد، وعد القول ببعث الجسد خرافة، وشأنه في ذلك شأن من سبقه من المعطلين، وبحث مسألة «الخيار» بحثا يكاد يكون علميا، وعارض في ذلك مذهب المتكلمين المتلف للأخلاق؛ لأنهم قالوا بأن إرادة الله هي مقياس الحق ولا مقياس سواها، وكانوا جبرية. وكذلك عارض ابن رشد مذهب القدرية.
وقد أدرك ابن رشد ما بين مذهبه وبين العقائد الشائعة من العداء، وفطن إلى الأفكار التي تتهدده إذا لم يصانع في بعض الأمور، فحاول استرضاء أهل الشريعة ببعض كتب ألفها وجعل نفسه أوسع صدرا من ابن طفيل، فقال بأن الإسلام أكمل نظام قومي، وأصلح ملة للشعوب. وهو واضع مذهب الحقيقة المزدوجة أي حقيقة العلم أو الفلسفة وحقيقة الدين، وكان لهذا المذهب شأن يذكر في مباحث النصرانية عدة قرون.
وقد تكلم في كتابيه «فصل المقال» و«مناهج الأدلة» بلهجة الرجل المحافظ على العقائد وحامي ذمار الظاهر من أمور الشرع. وقال إن العاقل لا ينطق بكلمة ضد العقيدة السائدة، وإن الملحد الذي يطعن في الدين يستحق الموت؛ لأنه يهدم كيان الفضيلة القومية. وقال إن مذهب خلق العالم مخالف للعقل، ولكن الفضل في بقائه للعادة، وإن المتدين لا يكفيه الإيمان؛ لأن المؤمن بغير علم ينقلب زنديقا إذا بحث واستقصى.
Página desconocida