Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
وعندي أن بقاء كتاب التهافت راجع إلى أن المسلمين تمسكوا بكتاب الغزالي لما ظنوه من مناصرته للشريعة ضد الحكمة، ثم إن النساخ جمعوا بين الكتابين لضرورة وجودهما معا للارتباط الذي ذكرته.
ويظهر أن خوجه زاده المتوفى في أواخر القرن التاسع للهجرة خدم العلم بأمر واحد، ليس هو تطوعه للتحكيم بينهما ، إنما تأليفه دعا إلى عناية بعض الترك بالكتابين ونشرهما ليكون لخوجه زاده، شرف الخلود على الهوامش. فقد دلنا الاختبار على أن المؤلفات الرشدية التي لا مساس لها إلا بالفلسفة قد فنيت وبادت وأحرقت. •••
بدأ ابن رشد كتابه ببساطة جميلة تعلمها بدون شك من أساتذة اليونان، فجعل مقدمته سطرين لا بأس من نقلهما، قال بعد الحمد والصلاة: «الغرض في هذا القول أن نبين مراتب الأقاويل المثبتة في كتاب التهافت في التصديق والإقناع وقصور أكثرها عن رتبة اليقين والبرهان.»
فأين هذه المقدمة البسيطة الهادئة من مدافع الغزالي وقنابله، ودباباته وطبله، وهجماته على الفلاسفة وأهل الذكاء والملحدين؟
لا ريب عندنا في أن الحقيقة لا تحتاج إلى زفة، لأنها غنية بقوتها وجمالها عن كل المظاهر. (42-8) كلام ابن رشد على الكتاب
قال لا يمتنع عند الفلاسفة أن يعدم العالم بأن ينقل إلى صورة أخرى؛ لأن العدم يكون ههنا تابعا وبالعرض، وإنما الذي يمتنع عندهم أن ينعدم الشيء إلى لا موجود أصلا؛ لأنه لو كان ذلك كذلك لكان الفاعل يتعلق فعله بالعدم أولا وبالذات، فهذا القول كله أخذ فيه الغزالي بالعرض على أنه بالذات، وألزم الفلاسفة منه ما قالوا بامتناعه!
وأكثر الأقاويل التي ضمن هذا الكتاب هي من هذا القبيل، ولذلك كان أحق الأسماء بهذا الكتاب كتاب التهافت المطلق أو تهافت أبي حامد لا تهافت الفلاسفة. وكان أحق الأسماء بهذا الكتاب (أي تهافت التهافت تأليفه) كتاب التفرقة بين الحق والتهافت من الأقاويل (ص41 طبع مصر).
وقال: إذا كان الغرض إنما هو أن نبين أن ما يحتوي عليه هذا الكتاب من الأقاويل هي أقاويل غير برهانية وأكثرها سفسطائية، وأعلى مراتبها أن تكون جدلية، فإن الأقاويل البرهانية قليلة جدا، وهي من الأقاويل بمنزلة الذهب الإبريز من سائر المعادن والدر الخالص من سائر الجواهر (ص84).
وقال في عرض الكلام على علم الله بالكون والموجودات: «وهذا كاف في تهافت هذا القول كله وسخفه، فلنسم هذا الكتاب التهافت بإطلاق لا تهافت الفلاسفة.» (ص91).
وقال: هذا الفصل (يقصد مسألة نفي الصفات وهي السادسة في كلام الغزالي) كله مغالطة سفسطائية؛ فهذا الرجل (أبو حامد) في أمثال هذه المواضع في هذا الكتاب لا يخلو من الشرارة أو الجهل، وهو أقرب إلى الشرارة منه إلى الجهل (ص99).
Página desconocida