Historia de los filósofos del Islam: un estudio exhaustivo sobre sus vidas, obras y un análisis crítico de sus opiniones filosóficas
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
Géneros
وإذا رجعنا إلى نصوص أرسطو ألفينا كلامه جليا واضحا في المبحثين الأول والثاني، ومترددا في الثالث. والفضل في إبراز المبحثين الرابع والخامس يرجع إلى ابن رشد وبقية الشراح، وقد قال بهما بعد ذلك ليبنتزو مالبرانش، وكلاهما من أتباع ديكارت وخلفائه المباشرين في فلسفته، وهو يعد واضع الفلسفة الحديثة. وقد تفوق ابن رشد على غيره من الشراح حتى الإغريق منهم، وهم الذين قرءوا أرسطو في الأصل؛ لأن ابن رشد وإن كان قد اعتمد على التراجم إلا أنه وصل بعقله القوي في وسط ظلام النقل والتحريف إلى ما لم يصل إليه أحد من قراء الأصول.
تقدم ابن رشد لأنه بحق أفضل من شراح اليونان أمثال إسكندر فردوسي، فإنه ينسب إلى أرسطو القول بأن العقل حالة استعدادية للتلقي، والحقيقة هي التي قال بها ابن رشد، وهي أن أرسطو قال بأن العقل كائن مستعد للتلقي. ويقيم ابن رشد الحجة على إسكندر ويجادله جدلا عنيفا في كتبه، وينسب إليه التقصير والقصور عن إدراك حقيقة آراء أرسطو، ويخطئه بجرأة المفكر الواثق من نفسه، والحقيقة هي التي قال بها ابن رشد وأيده فيها بقية الفلاسفة. (34) في النفس
أما رأي ابن رشد في النفس فهو يقول بأنها متصلة بالجسم اتصال الصورة بالمادة، وهو يخالف ابن سينا في قوله بنظرية النفوس المتعددة في الخلود؛ أي خلود النفوس جملة؛ لأن النفس لا وجود لها إلا مكملة للجسم المتصل بها. ومجمل آراء ابن رشد في علم النفس تتفق مع آراء أرسطو وتخالف جالينوس، ولا يخالف أرسطو إلا في نظرية واحدة وهي نظرية أرسطو في «نوس»، فإن ابن رشد يخالفه مخالفة على غير أساس مستمدا آراءه من الأفلاطونية المستحدثة، على ما فيها من التناقض لمذهب أرسطو في جملته.
أما قوله في العقل فغايته أن العقل المتأثر هو عقل الأفراد، وهو قابل للزوال، والعقل الأزلي هو عقل الإنسان بوصف كونه جنسا، ووظيفة العقل الفعال تقديم الصور النفسية بهيئة مقبولة للعقل المنفعل فيتقبلها ويدركها.
ظن كثيرون من فلاسفة القرون الوسطى أن ابن رشد قال بوحدة النفوس، وحاولوا الطعن فيه والرد عليه، فقد خيل إليهم أن رأي ابن رشد يؤدي إلى القول بأن النفس العامة تكون عاملة وغير عاملة، وطروبا وحزينة على التوالي، وفي هذا من التناقض ما فيه. إنما عقيدة ابن رشد في وحدة النفوس كانت ترمي إلى غرض أسمى في نظام الكون، فقد كان يعتقد أن أجزاء الكون متشابهة وذات حياة ووجود لا شك فيهما، وأن الفكر الإنساني في مجموعه نتيجة القوى العليا ومظهر عام للكون بأسره.
ومعنى هذا أن ابن رشد كان يقصد بوحدة النفوس القول بأن الإنسانية تعيش عيشة دائمة، وأن خلود العقل الفعال هو إحياء دائم للإنسانية واستمرار دائم للمدنية. وهنا نلفت نظر الباحثين إلى الاتفاق التام بين هذا القول وبين نظرية أوجست كومت في خلود الإنسانية وبقائها، تلك النظرية التي أدت به إلى وضع دين الإنسانية، فأقيمت له معابد في بعض ممالك الغرب.
يقول ابن رشد مستمرا في نظرية وحدة النفوس إن العقل كائن مطلق مستقل عن الأفراد كأنه جزء من الكون. وإن الإنسانية وهي أحد أفعال هذا العقل عبارة عن كائن لازم الوجود أزلي، وإنه بناء على هذا، لا بد من ظهور الفلسفة، وإن وجودها ضروري ليتمكن الفيلسوف من الإشراف على العقل المطلق، وينتج من هذا أن الإنسان والفيلسوف لازمان لنظام الكون. (35) مذهب الاتصال
هو أساس علوم النفس في الشرق، وهو المذهب الذي شغل فلاسفة الأندلس أمثال ابن باجه وابن طفيل كما أسلفنا، بل هو مذهب التصوف، وبه كان للصوفية سبع منازل أو درجات، وقد عبر عنه بعض فلاسفة الإفرنج مثل إرنست رينان أنه مذهب «نحن وأنت»، أو مذهب القائلين أنا أنت، وأنت أنا، وأنا هو.
إذا تبدى حبيبي
بأي عين أراه
Página desconocida