Investigaciones en la historia de la ciencia en los árabes
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
Géneros
لقد استأثرت كيمياء الإسكندرية بنصيب كبير من الأبعاد المعرفية لكيمياء جابر بن حيان، لكن هذه الأخيرة لم تكن أبدا نسخة منها أو مجرد تراكم كمي لها، بل تطويرا وإضافة حقيقية ومرحلة جديدة في تاريخ علم الكيمياء.
وبخلاف الذهب كبعد محوري وعامل موجه، سارت أبحاث جابر الكيميائية في مسارات أخرى إضافية واقعية وعملية وعلمية، ومشهودة كإنجازات باقية ومتتابعة نذكر منها الخبرة بالعمليات الكيمياء الأساسية كالإذابة والتبلور والتقطير والتكلس والاختزال، وتوصيفه لأساليب إجرائها بمناهج عملية واضحة وبسيطة، وأيضا أساليب تحضير طائفة من المواد الكيميائية توصل إليها، منها أبيض الرصاص (كربونات الرصاص القاعدية)، والزنجفر (كبريتيد الزئبق) وحامض النيتريك. أما عن التطبيقات أو التقانة: فقد كشف عن أن مركبات النحاس تكسب اللهب لونا أزرق، واستنبط طرقا لتحضير الفولاذ وتنقية المعدن وصبغ الجلود والشعر، وتحضير مداد مضيء من المرقشيا الذهبية (بيريت الحديد أو كبريتيد النحاس) ليستخدم بدلا من الذهب الغالي في كتابة القرآن الكريم والمخطوطات الثمينة، وأيضا نوع من الطلاء يقي الثياب من البلل، ويمنع عن الحديد الصدأ، وتوصل إلى أن الشب يساعد على تثبيت الألوان في الصباغة، ويقال أيضا: إنه تمكن من صنع ورق غير قابل للاحتراق من أجل كتاب عزيز عليه، هو كتاب الضيم لإمامه جعفر الصادق
44
لذلك يسجل «هولميارد» لجابر وتابعيه العرب أنهم خلصوا الكيمياء السكندرية من غموض وترهات صبيانية سادتها، ووجهوا الكيمياء وجهة واقعية، وأقاموها نظاما علميا عماده الوقائع التي تدعمها التجربة،
45
فذلكم هو حكم ناموس التطور العلمي، الذي حكم أيضا بأن مدرسة الإسكندرية كانت خطوة سابقة وفاعلة للكيمياء العربية، فأول كتب معروفة في الكيمياء هي المكتوبة آنذاك في مصر باللغة الإغريقية.
ففي إسكندرية مصر البطلمية كانت أهم المراحل الأسبق للكيمياء. أدرك بطليموس الأول (323-285ق.م) وولده فيلادلفاس، بطليموس الثاني أهمية الكيمياء وكما هو معروف أقيم المتحف أو معهد الميوزيوم في الإسكندرية واستدعي لإدارته استراتو - معلم فيلادلفاس وعميد اللوقيون أو الليسيه - مدرسة أرسطو، فجاء من أثينا حاملا معه كتب أستاذه وأمهات التراث الإغريقي، في هذا المعهد خصصت للكيمياء أو بالأحرى الخيمياء قاعات للمحاضرات والتجارب، وإن كانت في الدور الأرضي؛ لأنها علم غير مبجل لغوصه في الماديات واستهدافه الثراء.
46
ويجدر بنا ملاحظة أن الكيمياء ظلت محاطة بالشبهات حتى القرن السابع عشر، ولاحظ واحد من أهم علمائها ومؤرخيها في تلك المرحلة شيوع الرأي بأن «الكيميائيين لا بد من إلقائهم في الأفران! لأنهم يعملون بمواد خبيثة الرائحة، وملابسهم عموما مغطاة بحرائق وأدران، وتجاربهم مصدر لعديد من الشكاوى العامة.»
47
Página desconocida