Historia de la Ciencia de la Literatura: Entre los Francos, los Árabes y Victor Hugo

Ruhi Khalidi d. 1331 AH
167

Historia de la Ciencia de la Literatura: Entre los Francos, los Árabes y Victor Hugo

تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو

Géneros

فإذا تصورنا هؤلاء الأشخاص الثلاثة على الوجه المشروح، فيقتضي إحياءهم وتمشيتهم أمام أنظار المتفرجين، وندير عليهم أعمالا ثلاثة تتلخص فيها جميع أحوال المملكة الإسبانية في القرن السابع عشر، ويوجد فوق هؤلاء الرجال الثلاثة مخلوقة صافية نيرة، فهذه المخلوقة هي امرأة وملكة، وهي في شقاء من حيث إنها امرأة؛ لأنها لم يكن لها زوج، وهي في شقاء من حيث إنها ملكة؛ لأنها كأن لم يكن لها ملك، ومتعطفة على من تحتها بعاطفة ملكة وقلب امرأة، وناظرة للدرك الأسفل بينما أن روى بلاس الذي تتشخص فيه الأمة ناظر للمقام الأعلى، فبقطع النظر عن الأشخاص الثانوية فهذه الرءوس الأربعة المجتمعة على هذا الوجه هي في نظر المؤرخ الفيلسوف النكات الأصلية لمملكة إسبانيا قبل 140 سنة، ويمكن لنا أن نضيف رأسا خامسا لهذه الرءوس الأربعة، وهو رأس الملك شارل الثاني، ولكن شارل الثاني ملك إسبانيا لم يكن شخصا، بل هو في نظر التاريخ ظل؛ ولذا بقي في الدرام ظلا لم يبن شخصه.

فما ذكرناه للآن إنما هو بيان لحقيقة هذه الرواية، وهي روى بلاس بالنظر لفلسفة التاريخ، ويمكننا النظر إليها باعتبار آخر؛ لأن الأشياء في هذا العالم تختلف أشكالها باختلاف النظر إليها، ومثل ذلك كمثل الجبل الأبيض، إن نظرت إليه من المحل المعروف باسم «فروا دو فليشر» تراه بهيئة غير الهيئة التي تراه فيها لو نظرت إليه من المحل المعروف باسم «سالانش»، ومع ذلك فهو دائما الجبل الأبيض، وكذا الحال في هذا الدرام فإنه يختلف شكله باختلاف النظر إليه، فلو نظرنا إليه باعتبار الإنسانية المحضة لرأينا الدون سالوست يتشخص فيه حب الذات والاهتمام، واشتغال الفكر والتغرض، والدون سيزار بعكسه يتشخص فيه عدم المبالاة وعدم الاهتمام، وراحة البال وعدم التغرض، وروى بلاس يتشخص فيه الذكاء والعشق واقتحام الأخطار والمهالك، والملكة يتشخص فيها الفضيلة المائلة للانتهاك بسبب الملل وضيق الخلق.

وأما باعتبار صناعة الأدب، فيجتمع في هذا التأليف الأنواع الثلاثة من الروايات التمثيلية، الدون سالوست هو الدرام، والدون سيزار هو الكوميديا وروى بلاس هو التراجيديا، فالدرام يعقد العمل والكوميديا تشوشه والتراجيديا تحسمه.

فالموضوع الفلسفي لهذه الرواية هو تطلع الأمة وتطلبها للمقامات العالية، والموضوع الإنساني هو رجل يحب امرأة، والموضوع الدراماتيقي؛ أي الفاجع أو الهائل هو محبة خادم الملكة، فجمهور العوام لا يرون إلا الموضوع الأخير أي: الدراماتيقي الذي هو الخادم، والحق معهم. وهكذا يقال في كل تأليف من هذا القبيل، فترتوف يضحك منه واحد ويرهب منه آخر، فإن ترتوف حية تسعى في البيت، فهو المرائي بعينه، فيكون تارة إنسانا وتارة معنى. وأوتلو هو في نظر البعض أسود يحب بيضاء، وفي نظر البعض الآخر هو وضيع تزوج بشريفة، وفي نظر الآخرين هو غيور أو هو الغيرة على النساء.

ثم إن هذه الرواية لها تعلق من جهة المعنى التاريخي برواية إيرناني، فإن حالة الكبراء في الروايتين تظهر بجانب حالة المملكة، ففي إيرناني لم تكن إسبانيا اكتسبت شكل الحكومة المطلقة؛ ولذا كان الكبراء ينازعون الملك في الأمر ويقوون عليه تارة بالنفوذ وتارة بالسيوف، ويخرجون عليه مرة ويطيعونه أخرى - كما كان الحال في المملكة العثمانية على عهد الجزار صاحب عكا وباشاوات مصر وبكوات تونس، ودايات الجزائر، وبقية الأمراء الذين يقال لهم: درة بك - ففي سنة 1519م كان الكبراء في إسبانيا يبتعدون عن قصر الملك، ويقيمون في الجبال وفي المعاقل والحصون، ويكونون تارة من قطاع الطريق مثل إيرناني وتارة من الأمراء المستقلين في إدارتهم الداخلية مثل روى غومز كما فصلت أحوالهم في تلك الرواية، ثم بعد مأتى سنة من ذاك التاريخ انقلبت القضية، فصار الكبير الذي كان أشبه بالمستقل في إدارته رجلا من رجال المعية ينافق لينفق، والبعض الآخر من الكبراء سقطوا في الفقر والمذلة، فهم يخفون أسماءهم لا للتملص من سطوة الملك، بل للتملص من أصحاب الديون وإلحاحهم، فالواحد منهم لا يصير قاطع طريق بل يصير نوريا أي: من الرعاع، فيرى من ذلك أن الحكومة المطلقة مرت عن هؤلاء الكبراء أعواما كثيرة، فأحنت رأس هذا وقطعت رأس ذاك.

ثم إن بين رواية إيرناني ورواية روى بلاس مضى على إسبانيا قرنان من الدهر حكم أخلاف شارلكين في غضونهما الدنيا، وكان من الحكمة الإلهية عدم زيادة ساعة، ولا تنقيص ساعة في هذين القرنين؛ لأن شارلكين ولد سنة 1500م، وشارل الثاني مات سنة 1700م، ففي سنة 1700م ورث لويس الرابع عشر شارلكين كما ورث نابوليون سنة 1800م لويس الرابع عشر، فالمؤلف عطف أنظاره نحو التاريخ ونحو ظهور هذه الدول المعظمة فيه، وملأ رواية إيرناني بضياء الفجر، ورواية روى بلاس بظلام الشفق، ففي إيرناني أشرقت شمس آل أوستريا، وفي روى بلاس غربت. انتهى.

باريس في 25 نوفمبر سنة 1838م

فيتضح من هذه المقدمة رغما عما فيها من ركاكة الترجمة؛ لعدم تنقيحها بسبب ضيق الوقت حقيقة الروايات التمثيلية، وكيفية تشخيصها للأخلاق الإنسانية وتصويرها الوقائع التاريخية، كما يظهر الفرق بين أنواع الروايات من درام وكوميديا وتراجيديا، فإن تأليف الروايات له شروط وقواعد وأساليب كما أن له غاية ومقصدا، ويتضح من ذلك أيضا وجه اعتراض الإفرنج على المقامات الحريرية التي أشبه بالكوميديا، ولعل أدباءنا ينهجون هذا المنهج الجديد في التأليفات الأدبية، ولا يقفون عند حد القصيد والرجز أو الرسائل والمقامات والخطب، فإن القرن العشرين مفتقر إلى تصوير الأخلاق الشرقية بأسلوب الروايات التمثيلية، ومحتاج إلى درس تاريخ الأمم الشرقية درسا مدققا ومعرفة خصال كل رجل من مشاهير رجاله، كصلاح الدين وموسى بن نصير وأمثالهما، ونظم الكونت دوليسل وهو خليفة فيكتور هوكو والمنتخب عوضا له في الأكاديمية قصيدة غراء سماها موسى الكبير، وصور فيها محاكمة موسى بن نصير ووقوفه بين يدي الخليفة الأموي، ومدافعته عما اتهم به كما أن عبد الحق حامد بك ألف باللسان العثماني رواية طارق بن زياد، وهي نثرية تمثيلية وفيها أشعار بديعة.

الملك يتسلى

صور فيها المؤلف فرانسوا الأول ملك فرنسا ومجنونه وتريبوله؛ لأن الملوك كان لهم مجانين ومهرجون ومضحكون، وأقزام قصار القامة ومساخر، ولم يزل يشاهد أثرهم وبقيتهم في بلاد الشرق. ولعهد قريب كان للولاة في بلادنا مساخر ومضحكون يسمونهم المهرج والسوطري، ولم يزل منهم من هو حي ليومنا.

Página desconocida