Historia breve de Basora
مختصر تاريخ البصرة
Géneros
ولم يحدث في أيام هارون الرشيد في البصرة ما يخل بالسياسة أو الإدارة؛ بل كانت زاهية بفحول العلماء الذين انتهت إليهم رياسة أكثر العلوم العقلية والنقلية، وزادت عمارتها، وكثرت ثروتها، وعظم شأنها، وراجت فيها العلوم والآداب والفنون.
ولما توفي الخليفة هارون الرشيد في سنة 193ه وتولى ولي عهده ابنه محمد الأمين أقر إسحاق بن عيسى على البصرة، فخرج في السنة نفسها في أطراف البصرة ردان الحروري، وثار على الحكومة بجموعه، فانخذل وتمزقت جموعه.
وبقيت البصرة بعد هذه الحادثة في زهو واطمئنان إلى سنة 195ه، فأرسل الخليفة محمد الأمين أميرا عليها المنصور بن المهدي العباسي، وفي أيامه حدثت فتنة الأمين والمأمون، واستولت جيوش المأمون على الأهواز والكوفة وواسط، فاضطربت البصرة، وعزم أهلها على تحصينها وقتال جيش المأمون إذا اقترب منها انتصارا للأمين، فأبى أميرهم المنصور ذلك حقنا للدماء، فأعلن خلع الأمين وبيعة المأمون، وخطب له على منبر البصرة، فبلغ ذلك المأمون فأقره على إمارته، ولكنه وجه في سنة 196ه إمارة العراق إلى الحسن بن سهل، وضم إليه فارس والبحرين، فولى ابن سهل على البصرة العباس بن محمد الجعفري، وكانت بغداد يومئذ قد حاصرها طاهر بن الحسين قائد المأمون، ولم يبق للأمين غيرها. (9-4) البصرة في عهد المأمون
ولما تم أمر الخلافة للمأمون بعد مقتل الأمين في سنة 198ه بقيت البصرة من أعمال الحسن بن سهل، وظل عليها العباس بن محمد الجعفري إلى سنة 200ه، وكان قد خرج في هذه السنة أبو السرايا الطالبي، وجمع جموعا كثيرة، واستولى على الأهواز وواسط والكوفة، ثم سار بجموعه إلى البصرة، وألقى عليها الحصار، فدافع عنها أميرها العباس بمن معه من الجنود الأهلية، وبعد حروب شديدة انتصر أبو السرايا في السنة نفسها، ودخل البصرة، وبقيت هذه المدينة في قبضة الطالبيين إلى سنة 204ه، فأرسل الخليفة المأمون جيشا كبيرا يقوده أخوه صالح بن هارون الرشيد لاسترداد البصرة، فجرت بين الفريقين معارك عنيفة دامت نحو شهر، فانجلت عن انتصار جيوش المأمون، ودخول صالح البصرة ظافرا في السنة نفسها.
ومكث صالح على إمارة البصرة إلى سنة 206ه، فولى المأمون عليها داود بن مسجود، وضم إليه البحرين واليمامة، وفي أيام هذا الأمير ظهر الزط في طريق البصرة، ونهبوا بعض القرى،
45
فقاتلهم داود حتى أعاد الأمن إلى نصابه، وبقي على إمارته إلى سنة 215ه.
وفي أيامه في سنة 210ه أمر الخليفة المأمون بإحصاء من في البصرة من العلماء والتلاميذ، فبلغ عدد العلماء سبعمائة وعدد تلامذتهم أحد عشر ألفا، فلما وقف المأمون على هذا الإحصاء سر سرورا عظيما، وأحب أن ينشط المحتاجين منهم فأمر بتخصيص رواتب لهم، وأمر بإرسال نسخ من مؤلفات أولئك العلماء، فجمعوا له ما ألفوه من الكتب العلمية المختلفة في مدة عشرين سنة، فكانت على ما ذكره بعض المؤرخين أكثر من مائتي ألف مؤلف بين صغير وكبير أرسلت إلى المأمون في ثلاثة سفن، فلما وصلت بغداد ضمها المأمون إلى مكتبته.
وتولى البصرة بعد داود محمد بن عباد المهلبي في سنة 216ه، فمات في السنة نفسها، فولى المأمون بدله عجيف بن عتبة ، ولما توفي المأمون في سنة 218ه وتولى الخلافة أخوه المعتصم بالله أقر عجيفا على إمارته، فظهر الزط مرة أخرى في أيامه في سنة 219ه، وغلبوا على طريق البصرة، ونهبوا بعض القرى المجاورة للبصرة، وأحرقوا بعضها، وأخذوا الغلات من البيادر بكسكر وما يليها من البصرة، فأمر الخليفة عجيفا بقتالهم، فخرج إليهم بجيشه فانتصر عليهم، وقتل منهم نحو الخمسمائة حتى اضطر الباقون إلى طلب الأمان والعفو، فأمنهم عجيف على شرط أن لا يعودوا إلى الفساد، وذلك في سنة 220ه.
ودامت إمارة عجيف على البصرة إلى أن توفي المعتصم في سنة 227ه، وتولى الخلافة ابنه الواثق بالله، فأقر عجيفا على عمله، ثم مات الواثق في سنة 232ه، وتولى الخلافة أخوه المتوكل على الله، فعزل عجيفا وولى على البصرة عمير بن عمار في السنة نفسها، ولم يحدث في البصرة بعد حادثة الزط ما يخل بالأمن. (9-5) الفتن في البصرة
Página desconocida