علم الجرح والتعديل
ونعني به الكلام على أحوال الرواة من حيث العدالة والضبط وعدمه لنتمكن من معرفة مدى صحة رواياتهم التي وصلت إلينا أو ضعفها، وهو فن من الفنون التي اختصت بها الأمة الإسلامية دون غيرها من الأمم.
وبمعرفة هذا الفن قواعده. تمكن سلفنا الصالح من الحفاظ على سنة المصطفى ﷺ وبقائها صافيا من تحريف المبطلين وكيد المنافقين.
ولم يكن الدافع لدراسة أحوال الرواة هوى في النفس للطعن في الناس أو محاباة لأحد وإن كان ذلك الواحد قريبًا عزيزًا بل للإنصاف وإحقاق الحق.
وقد سئل الإمام الناقد علي بن المديني عن أبيه. فقال سلوا غيري، فأعادوا فأطرق، ثم رفع رأسه فقال: هو الدين، أبي ضعيف١. ويقول شعبة الحجاج: ولو حابيت أحدًا حابيت هشام بن حسان كان ختني. ولكن لم يكن يحفظ٢.
نفهم مما تقدم ذكره أن الجرح والتعديل إنما كان لحماية الدين والمحافظة على نقاء الشريعة؛ لأنه أقوى من روابط النسب والمادة.
وقد اختار النقاد عبارات مهذبة تنال من حفظ الرواة وعدالتهم دون الإشارة إلى أي صفة أخرى ليس لها تعلق بمجال الضبط والعدالة لأن البحث في غير ذلك المجال من الغيبة التي نهينا عنها.
_________
١ فتح المغيث ٣/٣٢٢.
٢ الكامل ١/٨١ وهناك أمثلة أخرى أوردها السخاوي في فتح المغيث ٣/٣٢٢
1 / 7