============================================================
ذكر إبراهيم عليه السلام شعائر الحج كما أراه جبرائيل عليه السلام حتى الذبح فرأى في تلك الليلة ما أجري من ذبح ابنه فرجعنا إلى ذكر الذبح ثم إنه رأى في المنام: إن الله يأمرك بذبح ابنك فأصبح متفكرا وظن أن ذلك من الشيطان، ثم إنه رأى في الليلة الثانية مثل ذلك فقال: هذا من الشيطان يريد أن يفتتني في ابني حتى كانت الليلة الثالثة رأى مثل ذلك، ونودي في منامه يا إبراهيم لم يكن الشيطان يأمرك بطاعة ربك قم فامض إلى ما أمرت به، فلما أصبح قال لأمه: اغسلي رأس إسماعيل وهيتيه ودهنيه فغسلت رآسه ودهنته وهيأته، فقال له إبراهيم: يا بني خذ المدية والحبل حتى تحتطب من هذا الشعب، فلما توجها إلى الشعب اعترض إبليس لإبراهيم في صورة شيخ، فقال له: أين تريد يا إبراهيم؟
قال: إلى هذا الشعب بحاجة لي قال: إني والله لا أرى الشيطان قد جاءك وأمرك أن تذبح ابنك فعرفه إبراهيم، فقال: إليك عني يا عدو الله لأمضي لأمر ربي فلما ييس منه عدو الله واعترض لإسماعيل وهو وراء آبيه ومعه الحبل والمدية فقال له: يا غلام هل تدري آين يذهب بك أبوك؟ قال: نعم نحتطب في هذا الشعب، قال: والله ما يريد إلا ذبحك، قال: وهل رأيت والذا يذبح ولده؟ قال إبليس: إنه يزعم أن الله أمره بذلك قال إسماعيل: فليفعل ما أمره الله تعالى فسمعا وطاعة، فلما يثس من الغلام أقبل إلى هاجر فقال لها: هل تدرين أين ذهب إيراهيم بإسماعيل؟ قالت: ذهب ليحتطب لنا، قال: لا، بل ذهب ليذبحه، قالت: كلا بل هو آرحم به من ذلك، قال: إنه يزعم أن الله آمره بذبحه، قالت: فإن كان الله أمره به فلنسلم لأمر الله فرجع عدو الله خائبا واعتصم إبراهيم وآله أجمعون من شره وأجمعوا على السمع والطاعة لأمر الله ولما أتى إبراهيم الشعب قال له: يبقى إن أرى فى المنار أنى اذبحك فأنظر ماذا ترح قال يكأبت افعل ما تؤمر ستجدن إن شاء الله من الصبرين} [الضافات : الآية 102] قال: ثم إن إسماعيل قال له: يا أبت إذا أردت ذبحي فشد يدي ورجلي فإني لا آمن أن أضطرب عند جر الذبح فإن الموت شديد، وربما يصيبك مني شيء فينقص من آجري، واستحد شفرتك حتى تجريي علي سريغا فتريحني وإذا أضجعتني للذبح فكبني على وجهي ولا تضجعني لشقي فاني أخشى أن تنظر إلى وجهي فتدركك الشفقة فيحول بينك وبين آمر الله، ثم رد قميصي إلى أمي فتشم ريحي ليكون أسلى لها عني. فقال إبراهيم: يا بني نغم العون أنت على أمر الله، قال: ففعل وأته جلس عند رأسه فقال: إللهي لك الحمد في الدهر الماضي، ولك الحمد في الدهر الباقي إللهي رزقتني الوند في كبر سني ثم ابتليتني يذبحه فإن كان لك رضى فتسليما لأمرك وإن كان غضب منك علي فإني أستغفرك وأتوب إليك، قال: فبكت الملائكة وقالت: يا رب نبي قد كب على وجهه ونبي آخر يذبحه وأدخل شفرته تحت
Página 92