============================================================
ذكر إبراهيم عليه الشلام شريعة نوح، ولما قرب وقته جاءت الكهنة وأصحاب النجوم وكان زمانهم زمان النجوم والكهانة فقالوا لنمرود: يولد في هذه السنة غلام في قريتك هذه تهلك على يده آلهة الأرض ويبدل دينك ويكون هلاكك وهلاك قومك على يده، فقال نمرود: هذا أمر يسير نحن نعزل الرجال عن النساء ثم ننظر كل صبي في مملكتي فإذا ولد غلام قتل، وإن ولدت جارية تركت حتى تنقضي هذه السنة، قالوا: نعم ما رأيت، وأمر نمرود بعزل الرجال عن النساء ووكل على كل عشرة من الرجال موكلا، فإذا طهرت امرأة منعه آن يقربها وإذا حاضت تركه لأنهم كانوا لا يجامعون في الحيض، وأراد الله أن يكون كما أراد فلم يكن على آزر وامرأته موكل لأنه كان من خواص نمرود وأوثق الناس عنده وكذلك كان أمر الناس أن لا يعبدوا صنما إلا من صنعة آزر ثم إن آزر رجع يوما إلى أهله فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فواقعها فحملت بإبراهيم. وقيل كان سبب وصوله إليها أن الكهنة قالت لنمرود(1) إن أم الغلام الذي ذكرنا تحمل به ليلة كذا، فأمر نمرود بالناس حتى خرجوا بإبلهم من المدينة وتركوا النساء فيها، ووكل بكل باب أمينا من أمنائه لا يدع رجلا يدخل في المدينة ولا امرأة تخرج وخرج نمرود أيضا فلما خلت المدينة خرجت النساء وفيهن آم إيراهيم يطفن فيها للنظارة، فوقعت جماعة منهن إلى الباب الذي وكل به آزر أبو إبراهيم وفيهن آم إبراهيم فلما وجدت زوجها هنالك مكثت عنده، فواقعها فحملت ويقال: لا بل إن نمرود فكر في نفسه آنه ينبغي أن أرجع إلى أهلي فأواقعها حتى إن كان الغلام لا بد كاثنا يكون ابني حتى يذهب ملكي إليه، لا إلى أجنبي فرجع في جوف الليل إلى قصره ولم يعتمد على أحد كاعتماده على آزر فاستصحبه فلما دخل قصره أمر آزر أن يكون بالباب إلى وقت خروجه وإن النساء اللواتي كن يطفن بالمدينة بلغن باب قصر نمرود وفيهن أم إبراهيم، فرآت زوجها فأقامت عنده فواقعها فحملت بابراهيم ورجع نمرود إلى مفكره حين أصبح فسأل الكهان عن أمر المولود، فقالوا: قد حملت به أمه البارحة، فعند ذلك أمر بقتل الغلمان وأن الله أخفى حمل أم إبراهيم فلم يعرف أنها حبلى لما أراد الله من إتمام تدبيره، وأمر نمرود بحفظ النساء الحبالى فكان يقتل الغلمان وترك الجواري، وأن أم ابراهيم كان اسمها أهيلة لما حملت كابدت زوجها لئلا يتهمها فقالت: إني إذا وضعت ما في بطني، فإن كان غلاما فينبغي أن نحمله حتى نضعه بين يدي الملك فيصنع به ما يشاء، فإن حق الملك علينا واجب لإحسانه علينا، وإنه متى يرانا أن نفعل كذلك لزدنا عنده رفعة وقدرا، فوثق بها آزر فلما حضر الشهر الذي تلد فيه قالت لزوجها: إني قد (1) في الاصل لنروذ، والصواب لنمرود.
Página 67